مقالات اجتماعية

العطاء الإيجابي

سالم الحارث

ساكتب اليوم بطريقة مختلفة نوعاً ما عن الإيجابية ومالها من تأثير على الكثير سواء كانو أفرادا او مجتمع او حتى دول … العطاء الإيجابي … عزيزي القارئ قد يتمثل بصور عديدة سواءً كان مادياً ، عاطفياَ ام معنوياَ …. لكل عطاء مقابل ولكن احرص عزيزي القارئ بأن يكون عطائك إيجابياَ مما قد يكون له التأثير بحياتك ويعود لك بثماره .

مهما كان العطاء قليلاَ كان ام كثيراَ ستشعر بإيجابيته في الشخص المتلقي لما قد يرسم البسمه او يعود بالنفع له … كثيره هي الأمثلة عن العطاء الإيجابي قد لا يسعني الوقت بكتابتها جميعها فقد يكون عطاء الوالدين لإبنائهم إيجابياً ، الزوج لزوجته ، المدير لموظفيه والعكس ينطبق أيضاً …

من فنلندا سأبتدي بالنهاية بتجربتهم بالعطاء والتغيير الإيجابي .. في الستينات الميلادية كانت مدارس فنلندا ومهارات الطلاب سيئة للغاية وعند تقييم مستوى الطلاب حول العالم كانت كل من فنلندا والنمسا في مكان ما أسفل قائمة الأمم … لكن فنلندا لم يعجبها هذا الأمر فقد قرروا التغيير الإيجابي لذا قامو بتجربة أفكار جديدة مما قد يساعد بالتطوير والتغير الإيجابي وفي غضون فتره وجيزة قفزت فنلندا الى قمة العالم واصبح طلاب مدارسهم بالمركز الأول … كيف قاموا بذلك ؟ كان هذا السؤال الذي حير الكثير وبحثوا عن إجابته !

بسؤال وزيرة التعليم كريستا كيورو  وقبل ان يتسنى لنا قول أي شي باحت للعالم بسرهم الدفين !! جميع طلاب فنلندا ليس لديهم واجبات منزلية ! كانت هذه الصدمه للعالم وسرهم بأن طلابهم ليست لديهم واجبات منزلية !!

اردفت الوزيرة قائلة بأن الطلاب يجب أن يتوفر لهم المزيد من الوقت لكي يعيشوا طفولتهم ويكتشفوا مواهبهم ونجوميتهم ،ولكي يستمتعوا بالحياة.

بسؤال أحد مدرسات المدارس الإبتدائية عن ماذا يفعل التلاميذ اذا لم يكن لديهم واجبات منزلية ، فقالت يستطيعون اللعب بالساحه الخارجية وتسلق الأشجار وإفراغ طاقاتهم ، فسألناها ماهو الممكن تعلمه من تسلق الأشجار ؟ فقالت مبتسمه نعم يمكنهم تسلق الأشجار ثم سيأتوني باليوم التالي و يخبروني ماهي أنواع الحشرات التي اكتشفوها ومانوع الشجره وما الى ذلك . بسؤالنا للمدرسه كم عدد ساعات الدراسه لطلابها الصغار في المدرسة ؟ فأجابت بمعدل 20 ساعه بالاسبوع مما يعني 4 ساعات فقط للدراسه ويتخللها أيضاَ ساعة أستراحه … لك ان تتخيل ذلك عزيزي القارئ عن كم العطاء الإيجابي هنا ومافعلته وزارة التعليم بفنلندا للتغيير الإيجابي الذي انعكس على تعليمهم .. لم ننته بعد من القصه

نتسآئل هنا كيف سيتسنى لهم تعلم او إنجاز أي شيئ في 3 او 4 ساعات باليوم ؟ جاوبتنا هنا مديرة المدرسة لينا ليوسفارا بأن العقل يحتاج للراحة من وقت لآخر فإذا عملت وعملت بإستمرار سوف تصل لنقطة لن تتعلم بعدها ولن تنجز أي شيئ … التلاميذ بفنلندا لديهم أقصر يوم دراسي واقصر عام دراسي في العالم الغربي بأسره يحصلون عالتعلم والنشاطات بذهابهم للمدرسة لفترة أقل وبزيارتنا للمدارس بفنلندا وجدنا التلاميذ يتعلمون الكثير من الأنشطه مما يخلق جو الإبتكار لدى تلاميذهم وعزز لديهم الطاقه الإيجابية .

رجعنا لوزيرة التعليم وسألناها كيف لكم أن تعرفوا اي المدارس هي الأفضل لديكم ؟؟ فأجابت جميعها !! جميع مدارس فنلندا متساوية وبنفس القدر حيث لا تجد فرقا بين مدرسة الحي ومدارس وسط المدن جميعها بنفس المستوى وتحظى بنفس الإهتمام ، حيث بمنظرهم أن المدرسة هي المكان الذي تجد فيها السعادة والإبتكار والتعلم ليس فقط التلقين !! المدرسة هي المكان الذي تكتشف فيه الوصول للأشياء التي تسعدك .

بفنلندا يحتاج الأطفال بأن يخبزوا ويتعلموا الفنون والنجارة والكهرباء والكثير من الأنشطه والسبب الرئيسي لتقليلهم الواجبات المنزلية هو لإعطاء تلاميذهم الوقت الكافي بأن يعيشوا طفولتهم حيث أن وقت الطفولة قصير جداً … بالتركيز على تلاميذ فنلندا فقد هيئوا جميع المدارس بما يناسب إحتاجياتهم ورغباتهم فعندما ينوون بناء او تأهيل أي مدرسة يجب على المهندسين المعماريين بأن يجتمعوا بالطلاب ويأخذوا بآرائهم ويستمعوا لرغباتهم ..

أجمعوا أكثر المدرسين لأكثر من مدرسة بأنهم يحاولون تعليم تلاميذهم بأن يكونوا أشخاص سعداء وأن يحترموا الآخرين ويحترموا أنفسهم .. تخيل عزيزي القارئ بأن وزارة التعليم والطاقم الإداري والمدرسين أكثر ما يهمهم هو ان ينعم طلابهم بحياة سعيدة … هذا هو العطاء الإيجابي … فتغييرهم لأسلوب التعلم والتعليم كان إيجابياً فأصبح طلابهم بالمركز الأول بين اكثر الدول تطوراً.

بالعطاء الإيجايبي ستتمكن عزيزي القارئ من خلق سعادة وتطوير ليس فقط لذاتك قد يكون لأسرتك او للمجتمع او زملائك ….

أعط … بإيجابية ….

زر الذهاب إلى الأعلى