قضايا ودراسات

حل الدولتين.. خيار مشروط

فيصل عابدون

حل الدولتين الفلسطينية و«الإسرائيلية» الخيار المطروح على الطاولة حالياً، الذي يوافق عليه الفلسطينيون وتدعمه المجموعة العربية، وتؤيده غالبية دول العالم، كما أنه الحل الذي يوافق الجميع على أنه يحقق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وفي العالم. ومع بساطته ووضوحه وسهولة تطبيقه، إلا أن الطرف «الإسرائيلي» ما ينفك يضع العراقيل حتى تصبح هذه المهمة القريبة المنال والهيّنة، في حكم المستحيل.
قدم الفلسطينيون تنازلاً مؤلماً وتاريخياً، عندما وافقوا على هذا الحل، وكان دافعهم إلى ذلك المفاضلة بين السلام والاستقرار، وبين الحرب المستمرة على مدى الأجيال. في المقابل لا تزال «إسرائيل» تناور وتدور حول هذه الصيغة السياسية التي تُنهي العداء وتُعيد الهدوء للمنطقة، وتمنح الاحتلال شرعية واندماجاً في محيط أوسع. فحل الدولتين يحقق مصلحة «الإسرائيليين» في المقام الأول.
وكان الأحرى بقادة الاحتلال أن يكونوا أول المبادرين بتنفيذ هذه الصيغة، لكن محاولاتهم المستمرة، كانت تهدف إلى إبطاء نبض المحادثات وإفشال جولاتها المتعددة، قبل أن تصل إلى عتبة التوقيع والضمانات الدولية. هذه المحاولات يمكن فهمها في إطار تفكير العقلية «الإسرائيلية» التي تسعى لإجبار الآخرين على تقديم التنازل تلو التنازل، حتى يفوزوا في نهاية المطاف بكامل المزايا ويحرموا غيرهم من أدناها.
هذا النوع من التفكير لن ينجح هذه المرة. فقد مضى الفلسطينيون إلى آخر الشوط بالموافقة على هذه الصيغة، وهي ليست خيارهم الوحيد، وهم ليسوا على استعداد للتراجع عنها.
فحل الدولتين خيار مشروط، ويعني قيام دولة فلسطينية مستقلة وكاملة السيادة وعاصمتها القدس، وعودة المهاجرين إلى وطنهم، بينما تسعى «إسرائيل» إلى التلاعب بمفهوم الدولة المستقلة، وطرح كيان هلامي منقوص السيادة ومنزوع السلاح بديلاً لها. لن يقبل الفلسطينيون ذلك وسيقاومونه ويهزمونه.
على «الإسرائيليين» ألا يخدعوا أنفسهم كثيراً. فالخيار المطروح يحقق لهم حلمهم في إقامة الدولة، فمنذ اجتياح العصابات «الإسرائيلية» أراضي الفلسطينيين، لم يحظ «الإسرائيليون» بالسلام في أي لحظة. صحيح أنهم نجحوا بسبب تكتيكات معينة، في نيل الحماية من الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وبعض الحكومات الأوروبية، لكنهم لم ينالوا الاحترام وما زال العالم المتحضر ينظر إليهم باعتبارهم دولة عسكرية.
وفي السنوات الأخيرة تعاظمت عزلتهم الدولية، وباتت تحركاتهم السياسية والعسكرية في مرمى الإدانة والتنديد، وقريباً من المحاكم الدولية.
هذه الصيغة لحل الصراع قد تجلب لهم الاحترام المفقود، وتحقق لهم الأمن والسلام والاستقرار. عليهم أن يسارعوا لتنفيذها قبل فوات الأوان، فإذا فشلت صيغة الدولتين، فإن الشعب الفلسطيني سيواصل الكفاح لتحقيق الخيار الآخر، وهو خيار الدولة الوطنية الديمقراطية الواحدة على غرار جنوب إفريقيا، وسيدعم كفاحه العالم بأسره.
عندها ستنتهي أحلام الهيمنة ويجد «الإسرائيليون» أنفسهم مجرد أقلية تعيش في دولة فلسطينية مستقلة، وسط بحر واسع من الدول الصديقة والشقيقة؛ مجرد أقلية مصونة الحقوق ولها الحق في خيار الهجرة والشتات.

Shiraz982003@yahoo.com

زر الذهاب إلى الأعلى