قضايا ودراسات

صديق السوء

محمد رباح

«قل لي من صديقك أقل لك من تكون»، قد تكون بالنسبة للبعض مجرد مقولة تفتقر إلى الموضوعية، أو مثلاً قديماً كغيره من الأمثال التي ضربت نتاج تجربة شخصية لا يجوز تعميمها، إلا أنها كثيراً ما تجد لنفسها موطئ قدم في دنيا الحقيقة، حيث يوسم الفرد بسلوك صديقه، كيف لا وهو مرآة الشخص، يرتفع معه إذا أحسن اختياره، وينحدر معه إذا فشل.
كثرٌ هم الطلبة الذين يقعون في شباك رفاق السوء، الذين يعملون على تقويض سلوكهم شيئاً فشيئاً، حتى يتمكنوا في نهاية المطاف من توريثهم تصرفاتهم السيئة، في ظل غياب كلي لمتابعة الأهل الذين لا يكترثون أو يعلمون شيئاً عن رفقة أبنائهم، ثم لا يلبثون أن يعلقوا لهم مشانق الحساب، حين تقع الفأس في الرأس، متناسين أنهم سلموا طواعية دفة التربية لرفقة، غالباً ما يزداد تأثيرها لدى ضعاف الشخصية، لينساقوا وإياهم في دروب مظلمة تنهي حياتهم إلى الجحيم الدنيوي.
كفُّ يد رفاق السوء عن فلذات أكبادنا يتطلب من الأهل مراقبة ومتابعة مستمرتين، ومحاولة جمع معلومات عن الأصدقاء للوقوف على حقيقة سلوكهم، ناهيك عن أهمية التربية السليمة وفق القواعد التربوية الصحيحة كونها تمنح الأبناء متانة في شخصيتهم، وتنمي قدراتهم الذهنية إلى درجة يمكن لهم الحكم على الإنسان تلقائياً.
الحوار بدوره ضرورة، حيث يجب أن تكون هناك جلسات حوار وتوعية بين الأهل والأبناء، ترشدهم إلى المخاطر المحتملة من رفاق السوء وتمكنهم من رؤية الأمر من أكثر من جهة، إضافة إلى تدعيم الأقوال بقصص واقعية للآخرين بسبب رفاق السوء.
نسج علاقات صداقة مع الأبناء من شأنه أن يحطم الحواجز وأن يشعرهم أن الأهل أصدقاء لهم لا أولياء أمور، ما يدفعهم بالتالي لإخبارهم بكافة أمورهم وطلب الاستشارة منهم في كل ما يعترض طريقهم، ليجد الأهل أنفسهم في نهاية المطاف على اطلاع تام على أحوال الأبناء وعلى خططهم والحوادث التي يتعرضون لها وهنا يسهل كثيراً عليهم التوعية والإرشاد وإنقاذ الأبناء قبل فوات الأوان.
رفقاء السوء خطر داهم، وشر دائم، يؤخذ الإنسان بجريرتهم، فيُساء به الظن، وتتلوث سمعته، ولو لم يفعل فعلهم، لذا يجب التمعن قبل اختيار الرفقاء، الذين يعمدون إلى إظهار العداء حين تنقطع أواصر محبتهم الخادعة، فضلاً عن ذكر كل سيئة، ونشر كل فضيحة، فيما رفقاء الخير يذكرون المعروف، ويحفظون الغيبة، لذا على الإنسان أن يختار صديقاً له لا عليه.

pressrabah@hotmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى