مقالات عامة

أبحاث للبيع

راشد محمد النعيمي
ِ
الحديث عن المشاريع المدرسية والتكليفات التي تتحول إلى عبء لأولياء الأمور، حديث قديم متجدد لا تكاد تمر فترة من دون أن تسمع عنه وتنصت إلى آباء يتذمرون من تكليف أبنائهم بهذه المشروعات التي تحتاج إلى تكلفة بسبب أن كثيراً منهم اعتادوا أن يلجأوا للغير في إنجازها خاصة محال الخطاطين والمكتبات وتصوير المستندات الذين باتوا ينفذون تلك المشروعات بدلاً من الطلبة أنفسهم والذين كان من المفترض أن يكون الموضوع تطبيقاً عملياً لهم يستفيدون منه فتلتصق المعلومة في أذهانهم وتتحقق الفائدة من ذلك.
كنت أتوقع من جميع التربويين أن يكون التركيز الأول على قيام الطالب بتنفيذ تلك المشروعات بنفسه دون الاستعانة بمتخصصين وأن تكون الدرجات الممنوحة بناء على ذلك لا أن يشجع هؤلاء بأنفسهم الذهاب لمحلات متخصصة لإنجاز المشاريع وهو الأمر الذي يتنافى مع القيم والأساليب والأهداف التربوية بل ويشكل عبئاً على الوالدين الذين يوافقون من أجل حصول أبنائهم على تقييم أعلى لكن للأسف تتحول هذه السلوكيات إلى عادات تصاحب الأبناء حتى في دراستهم الجامعية من خلال اللجوء لمن يقوم بدلاً منهم بالبحوث والتقارير وهو الأمر غير المقبول والذي يؤثر في مسيرتهم للتحصيل العلمي ومن ثم على حياتهم العملية عندما يمارسون مهامهم في الواقع.
اليوم صارت تجارة البحوث والتقارير والمشروعات التعليمية تدار علناً دون خوف، وهناك مكتبات معروفة بل ومعاهد تعليمية تجني أرباحاً من ورائها بعد أن نمت تلك السلوكيات التي كانت تطبق في المدارس إلى عادات التصقت بأصحابها وباتوا يستعينون بخدمات مدفوعة الأجر، كان من الممكن أن يقوموا بها بأنفسهم ويجنوا تبعاً لذلك فوائد كبيرة تنفعهم في تحصيلهم وأدائهم، وهو الأمر الذي يعطل جميع وسائل البحث العلمي التي من المفترض أن يكتسبها الطالب، إضافة إلى علاقته بمصادر التعلم من مكتبات وغيرها، بل ويطفئ في نفسه الرغبة في الاطّلاع والتعلم والبحث.
من المعروف أن بعض الجامعات تحاول مواجهة هذه السلوكيات من خلال برامج متنوعة للتحقق من البحوث العلمية والكشف عن كمية الانتحال في بحوث الطلبة قبل الموافقة على قبولها، حيث يختبر البرنامج حجم الاقتباس الذي قام به معد البحث، لكن المشكلة هي التي تحدث في المدرسة وتبدأ من المرحلة الابتدائية مروراً بمختلف المراحل حتى تتحول إلى مشكلة يصعب التخلص والفكاك منها لأنها عطلت المهارات التي كان من المفترض أن تنمو وعطلت التفكير، لكن علينا نحن كأولياء أمور أن نحسن التعاطي مع هذا الأمر وننتقل بتكليف صنع وسيلة تعليمية أو تنفيذ تقرير أو بحث إلى نشاط محبوب من أبنائنا يقومون به بأنفسهم، شرط أن ينال ذلك تشجيع وتحفيز الأسرة التربوية، لأنه وللأسف هناك من يقيم الشكل العام للمشروع وليس أسلوب تنفيذه.

ALNAYMI@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى