غير مصنفة

أحياء عند ربهم يرزقون

شيماء المرزوقي

قد نعطي من وقتنا من أجل إنهاء مهمة عمل أو لإنجاز أمر في غاية من الأهمية والفائدة والمحصلة والفائدة ليست لنا. قد نمنح المال للآخرين إما لمساعدتهم على محنة وأزمة يمرون بها كتعبير عن الوقوف معهم، وقد نتبرع بالملبس أو الطعام للفقير وعابر السبيل حتى يتجاوز ما هو فيه، أو قد نساهم في التخطيط والرأي لتطور مرفق في وطننا أو لبناء مشروع جديد رغم أن مشاركتنا لم تكن مطلوبة بل تطوعنا بها. هذه جميعها تصح تمسيتها تضحية وبذلاً وعطاء، والعطاء والبذل والتضحية من أجل الآخرين صفات حميدة كلما انتشرت في قلوب الناس كانت دليلاً على النقاء والصفاء وقوة وتميز هذا المجتمع عما سواه، وإذا وجدت هذه الخصال في القلوب فإنك ستلاحظ أنها على درجات متفاوتة، البعض لديهم هذه الصفة بشكل كبير ومتجذرة و لدى آخرين أقل، وهناك من يفتقر لها، وهذا أمر طبيعي ولا غرابة فيه، لكن هناك نوعاً آخر من التضحية أكثر نقاء وأعظم وهو فعلاً قليل وشحيح في مختلف المجتمعات، مثله مثل الذهب بين المعادن الأخرى، حيث توجد معادن ثمينة وعلى درجات متفاوته كالنحاس والحديد والفضة ونحوها، لكن الذهب في أعلى هذا السلم. هذه التضحية هي في أعلى سلم التضحيات البشرية قاطبة، وأقصد بها التضحية بالروح بالنفس في سبيل لله ثم الوطن، وعندما تنتشر في أي مجتمع قيم التضحية قولاً وعملاً ويكون لها شواهد على أرض الواقع عندها أنت أمام مجتمع قوي متمكن في روح أفراده ومواطنيه قيم الوطنية الحقة والفداء والتضحية على مختلف درجاتها ومستوياتها. لقد سجل أبناء بلادنا الغالية الحبيبة أروع أمثلة الفداء والتضحية بأغلى ما يملكه الإنسان وهي الروح والنفس من أجل إعلاء كلمة الحق والوقوف مع المظلومين ونصرة المستضعفين، وهذه أعلى قيم البطولة والفداء دون شك. كلنا فخر واعتزاز بما يسطره أبناء قواتنا المسلحة في ساحات المعارك من بطولات غير مستغربة فهم من نسل إنسان هذه الأرض الذي عاش في أزمنة ماضية مواجهات دائمة مع الأمراض والفقر وفي معارك لا تتوقف مع التضاريس الصعبة وحرارة الرمال وملوحة البحر، وتغلب على كل هذه وبقي إنسان الإمارات قوياً وبقلب نقي، التضحية والفداء هما سلوك معتاد وغير مستغرب على شعبنا وأبنائه الأوفياء. وإلى أبطالنا الذين اختارهم الله لنيل أعلى وأعظم مراتب الشهداء نقول: أنتم مثال حي في قلوبنا للتضحية العظيمة وكل معاني الوفاء للوطن،
رحمة الله عليكم، وصدق الله القائل في محكم التنزيل: «وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ج بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ».

Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى