قضايا ودراسات

إدارة ترامب و«الإخوان»

فتح العليم الفكي

يشكّل إعلان إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على لسان المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، اعتزامها تصنيف جماعة «الإخوان المسلمين» منظمة إرهابية ضربة قاضية للجماعة، ويضعها في موقف لا تحسد عليه، خاصة أنها فقدت خلال السنوات القليلة الماضية أي تعاطف معها في الشارع العربي والإسلامي.
ويضع الإعلان الأمريكي بتصنيف «الإخوان» منظمة إرهابية في حال تجاوزه العقبات التي يمكن أن توضع في طريقه في الكونجرس من الديمقراطيين الذين يسيطرون على المجلس «الجماعة» في مأزق حقيقي يمس فروعها في 76 بلداً حول العالم، وسيفرض قيوداً على تنقلات قادتها وعناصرها، ويعرّض استثماراتها وممتلكاتها الى التجميد والمصادرة، والأهم أنه سوف يسدي خدمة للإسلام، وللعالم بأسره، تسهم في تخليصه من خطر إرهاب «الجماعة» الذي لم تعد أي دولة بمنجاة منه.
إن العلاقة بين «الجماعة» وواشنطن قديمة، وتمتد لنحو سبعة عقود من التعاون الحثيث، حيث التقت أهداف «الجماعة» الإرهابية مع أهداف المخابرات الأمريكية خلال حقبة المد السوفييتي، إذ تم استخدامها من قبل واشنطن كترياق لمحاربة الشيوعية، والتيار القومي العربي، وبلغت العلاقة بين الجانبين ذروتها في عهد الرئيس السابق، باراك أوباما، وتحديداً خلال حقبة ما يسمى «الربيع العربي»، حيث رأت إدارة أوباما في «الجماعة» أنها الأنسب لتنفيذ أجندتها في الشرق الأوسط، ونشر الفوضى الخلاقة، والتطبيع مع دولة الاحتلال «الإسرائيلي»، وتدجين المقاومة الفلسطينية. وقد قطع الرئيس المصري المعزول محمد مرسي شوطاً في تنفيذ هذا المشروع.
لا جدال في أن شمس «الجماعة» بدأت بالأفول، ليس في المنطقة العربية وحدها التي تصنف في معظم دولها كتنظيم إرهابي، بل في الغرب، حيث انتبهت العديد من دول الاتحاد الأوروبي التي تتخذ منها قيادات «الجماعة» ملاذاً آمناً، للخطر الذي تمثله الجماعة عبر أذرعها الإعلامية، ومنظماتها، وجمعياتها الخيرية، ومدارسها. وقد صنفت بريطانيا تنظيمي «حسم، ولواء الثورة» الابنين الشرعيين «للجماعة» في مصر باعتبارهما منظمتين إرهابيتين، واتخذت إجراءات صارمة لتنظيم الإقامة، ومتابعة ومراقبة المؤسسات والهيئات التابعة للإخوان والتدقيق عليها، وحظرت النمسا إشارات ورموز «الإخوان»، بينما اعتبرت وكالة المخابرات الألمانية في تقرير لها أن خطر «الإخوان» على ألمانيا وأوروبا أكبر من خطر تنظيمي «داعش»، و«القاعدة».
وفي واقع الأمر، فإن تجارب «الإخوان» في الحكم في البلدان التي تمكنت فيها من السلطة، سواء بالانتخاب أو عبر الانقلاب العسكري، كانت، وستظل هي الأسوأ في التاريخ الحديث، وخير أمثلة على ذلك تجربتها المريرة في السودان وتونس ومصر التي كشفت للعالم أجمع تشبث «الجماعة» بالحكم، من دون أن تملك برنامجاً مفصلاً، بل مجرد شعارات هلامية وفضفاضة تتمسح بالدين، والقشور ولا تلامس احتياجات الناس الحقيقية في معاشهم، والأسوأ أنها انتهجت أسلوب التمكين لكوادرها فاستعدَت الشعوب عليها.
إن «جماعة الإخوان» التي ظلت أسيرة لفكر مؤسسها حسن البنا، وأفكار سيد قطب، انكفأت على نفسها طيلة قرن من الزمان، ولم تقم بتجديد فكرها، وظلت تعمل من أجل هدف واحد وهو الوصول الى السلطة، وبأي ثمن، فأضاعت الدين ولم تظفر بسلطة، وها هي اليوم تجد نفسها منبوذة ومطاردة في كل دول العالم.

alzahraapress@yahoo.com

زر الذهاب إلى الأعلى