مقالات عامة

«إسرائيل» والانتخابات المبكرة

يونس السيد

رغم المناورات «الإسرائيلية» – الأمريكية التي حملت اسم «كوبرا العرعر» والتي تحاكي حرباً إقليمية وهجوماً قد يشن من ثلاث جبهات، ورغم التهديدات «الإسرائيلية» بشن الحرب تارة في الشمال وأخرى في الجنوب وثالثة في الجبهتين معا، فإن الساحة الداخلية تعج بالتناقضات والسيناريوهات المفتوحة على كل الاحتمالات.
قد تكون الحرب مخرجاً لطالما لجأت إليه «إسرائيل» للتخلص من أزماتها الداخلية، وربما تكون مخرجاً لقضايا الفساد والتحقيقات التي تلاحق نتنياهو وتهدد بإزاحته عن عرش السلطة وحتى الزج به في السجن في نهاية المطاف، لكن حتى في هذه الحالة، فإن للحرب حساباتها غير المضمونة في عصر الصواريخ واستعدادات الخصوم، وفي ظل جبهة داخلية مفككة وغير قادرة على تحمل تبعات هذه الحرب.
وإذا استثنينا خيار الذهاب إلى الحرب، فإن من بين السيناريوهات المحتملة، خيار الانتخابات المبكرة، إذ من الواضح أن نتنياهو يعمل عليه بصورة جدية، بمنطق الهروب إلى الإمام، قبل توجيه التهم رسمياً له في قضايا الفساد أو استدعائه لمزيد من التحقيقات، متسلحا بتوافر أغلبية برلمانية في اللحظة الراهنة توافق على إجراء انتخابات بعد ثلاثة أشهر، بحسب وسائل الإعلام «الإسرائيلية». ومع أن نتنياهو لم يصرح علنا بأنه يريد الانتخابات المبكرة، إلا أنه يعمل على ذلك بذكاء، عبر بوابة المفاوضات الجارية بشأن تجنيد «الحريديم» (طائفة متدينة) وهي قضية يبدو أنها تدفع في هذا الاتجاه بعد أن رفض ما يسمى «مجلس حاخامات التوراة» اقتراح حل وسط بشأنها. وبينما يواصل «الحريديم» تظاهراتهم واحتجاجاتهم ضد التجنيد، تنهال الاتهامات على نتنياهو بأنه لا يبذل الجهود الكافية والمطلوبة لحل هذه القضية، بل يعمل على إفشال المفاوضات للدفع نحو تبكير الانتخابات. لكن هناك من يرى أن الانتخابات المبكرة غير مضمونة النتائج لنتنياهو وأن افتعاله أزمة سياسية قد يكلفه الكثير، إذ قد يحصل حزب الليكود على أكبر عدد من المقاعد، بحسب استطلاعات الرأي، لكنه سيفشل في تشكيل ائتلاف حكومي وكتلة مانعة، بالاعتماد على الأحزاب المتطرفة الصغيرة، مثل «إسرائيل بيتنا» بزعامة ليبرمان و«شاس» بزعامة ارييه درعي.
وبحسابات بسيطة، عرضتها القناة الثانية «الإسرائيلية»، فإن نتنياهو لن يتمكن من تشكيل ائتلاف حكومي وكتلة مانعة تضم أكثر من 56 عضواً حسب الاستطلاعات الأخيرة، مع عدم إغفال إمكانية رفعها إلى 60 في الانتخابات المقبلة، لكن ذلك لا يكفي لتشكيل حكومة، فضلا عن كونها غير مستقرة، ناهيك عن المفاجآت المحتملة مثل ترشّح وزير الحرب السابق، موشي يعلون أو رئيس الحكومة الأسبق، إيهود باراك، أو حتى عودة غريمه الليكودي، جدعون ساعر، إلى الحياة السياسية، كما أن ذلك كله لن يمنع من استدعائه للتحقيق في أي وقت. والخلاصة أن نتنياهو يغامر في كل الاتجاهات للتخلص من أزماته، سلماً أو حرباً، فهل ينجح؟ سؤال نترك الإجابة عنه للأيام القادمة.

younis898@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى