قضايا ودراسات

ابتزاز إلكتروني

راشد محمد النعيمي

يوماً بعد آخر تصدمنا قصص غريبة عن الابتزاز الإلكتروني الذي يلقى رواجاً في هذا الوقت بفضل انتشار وسائل التواصل وتحولها إلى أسلوب حياة يمارس الناس به علاقاتهم ولا يتورعون عن الخوض في أدق الخصوصيات دون أي احترازات وهو الأمر الذي يغري ضعاف النفوس إلى طرق هذه الأساليب للاحتيال معتقدين أنهم بعيدون عن سلطة القانون رغم أن عدداً كبيراً من الضحايا يفضل السكوت ولا يتقدم للإبلاغ خشية الفضيحة أو انكشاف تعرضه لموقف مثل هذا.
علينا اليوم أن نعيد النظر في تعاملنا مع من لا نعرفهم في هذا الفضاء الكبير المزدحم بالأكاذيب وأن نحترس من كل متطفل يسعى إلى تجاوز الحدود والخوض في أمور شخصية خاصة ويستهدف الفتيات، علماً أن برامج التواصل الاجتماعي اليوم تمنح لهؤلاء الفرصة لمعرفة أدق التفاصيل عن حياة ضحاياهم دون تعب وبمراقبة تفصيلية لتحركاتهم التي ترصدها تلك البرامج فيسهل بذلك الاختراق ومن بعده الابتزاز الذي باتت مؤشراته تصاعدية تكشف عن تفاصيل مؤلمة لا نتمنى في الحقيقة أن يتعرض لها أي شخص كان.
للأسف فإن هذه الجريمة التي لا ينكشف إلا جزء يسير منها بسبب الخوف من الفضيحة سببها ضعف الرقابة وقلة الوعي لذلك على الآباء والأمهات مسؤولية كبيرة في متابعة أبنائهم وبناتهم بشكل دائم ومستمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي يستخدمونها لأن هناك من يتجاوز الحدود العليا للاستخدام ويصنع من نفسه فريسة جاهزة لمن يريد، كذلك عليهم تقويم سلوكيات وتصرفات أبنائهم وبناتهم المستمر وتبصيرهم بخطورة بعض الممارسات التي باتت اليوم عادية لكنها في الحقيقة تساعد على انتشار هذه الظاهرة مع التأكيد على أن أولى خطوات مكافحة الابتزاز الإلكتروني وأهمها أن تقوم الضحية بمصارحة الأهل وعدم الخوف منهم لأن الخطأ وارد ولا ينفع التستر عليه أو مسايرته حتى يخرج عن نطاق السيطرة أواللجوء إلى الجهات الأمنية المختصة التي تتعامل مع مثل هذه الحالات بكل احترافية.
التحذير من مغبة سوء استخدام وسائل التواصل يجب أن يؤخذ على محمل الجد لأن هناك مؤشرات تعبر عن الواقع، منها ما كشفت عنه خدمة «اطمئن» في شرطة أم القيوين عن إنقاذ 102 شخص وقعوا ضحايا للابتزاز الإلكتروني الجنسي والمالي خلال الأشهر الثمانية الماضية بينهم 70 فتاة تم استدراجهنّ عبر مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، و«إنستجرام» و«سناب شات» من قبل شباب ادّعوا أنهم فتيات وأنهم يرغبون في مساعدتهنّ على الزواج وهو رقم كبير في منطقة جغرافية صغيرة، علماً أن تلك الجرائم بدأت مع دخول الضحايا إلى مواقع التواصل الاجتماعي والتحدث مع أشخاص مجهولين وإنشاء صداقات معهم دون أن يدركوا أنهم يتعرّضون لعمليات احتيالية تتضمن في معظمها ادّعاءات غير حقيقية.

ِALNAYMI@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى