قضايا ودراسات

احتمالات الحرب ضد إيران أكبر

شيرين هنتر*

هناك مخاوف من أن تصبح الولايات المتحدة في 2018 متورطة في حرب مع إيران، أو كوريا الشمالية، أو ربما كلتيها.
نظراّ إلى الخطب النارية التي تبادلتها الولايات المتحدة وكوريا الشمالية طوال الاثني عشر شهراً الماضية، قد يبدو لأول وهلة أن خطر حرب مع كوريا الشمالية هو أكبر منه مع إيران. وأكثر ما يجعل مثل هذه الحرب محتملة هو أن كوريا الشمالية تشكل خطراً أمنياً كبيراً على حلفاء أمريكا في منطقة الهادي، خصوصاً اليابان وكوريا الجنوبية.
ولكن إذا لم تحدث تطورات جديدة وغير متوقعة في شبه الجزيرة الكورية، فإن احتمال حرب شاملة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية هو أقل من احتمال تدخل عسكري أمريكي ضد إيران.
وهناك عدة أسباب لذلك. أولاً، حلفاء أمريكا الإقليميون في شرق آسيا، خصوصاً كوريا الجنوبية واليابان، مكشوفون أكثر أمام هجمات كوريّة شمالية. وكوريا الجنوبية خصوصاً يمكن أن تتعرّض لخسائر بشرية ومادية لا تحتمل في حال اندلاع حرب. ولهذا من المرجح جداً أن تسعى كوريا الجنوبية لثني الولايات المتحدة عن شن حرب، وتسعى بدلاً من ذلك إلى تسوية تفاوضية للنزاع مع كوريا الشمالية.
وثانياً، يتعين على الولايات المتحدة أن تأخذ بعين الاعتبار خطر تورط بلدان أخرى في النزاع، مثل الصين. وثالثاً، لا بد للولايات المتحدة أن تأخذ بالحسبان احتمال أن تستخدم كوريا الشمالية سلاحاً نووياً ضد الأراضي الأمريكية. بكلمات أخرى، القدرات النووية الكورية الشمالية الأضعف بكثير، تشكل مع ذلك رادعاً يؤثر في السياسة الأمريكية.
وربما يكون أهم من كل تلك الأسباب هو أنه ليس هناك أي ضغط داخلي في الولايات المتحدة يجعل واشنطن تندفع إلى حرب ضد كوريا الشمالية.
أما بالنسبة لإيران، فإن الوضع مختلف كلياً. فعلى الرغم من الحديث عن قوة إيران العسكرية، خصوصاً صواريخها الباليستية، إلا أن الواقع هو أن إيران ضعيفة عسكرياً. وهي تفتقر بصورة خاصة إلى قوة جوية ونظام دفاع جوي كفوءين. وشن حملة قصف جوي أمريكي لمدة أسبوع واحد سيلحق أضراراً هائلة بجيش إيران وبنيتها التحتية الاقتصادية.
يضاف إلى ذلك أن إيران، خلافاً لكوريا الشمالية، لا تملك وسائل رد مباشر ضد أمريكا. إذ إن صواريخ إيران وزوارقها السريعة التي قيل الكثير بشأن فعاليتها ليست نداً للقوة الأمريكية الجوية والبحرية. كما أن إيران تخلّت عن خيار تطوير سلاح نووي بموجب اتفاقها النووي مع القوى الكبرى.
وما يجعل وضع إيران مختلفاً -وخطر حرب ضدها أكبر- هو وجود مجموعات ضغط (لوبي) داخلية في الولايات المتحدة وإقليمية في الشرق الأوسط تمارس ضغوطاً من أجل حمل أمريكا على مهاجمة إيران. ومنذ وقت طويل والصقور الأمريكيون، وكذلك الأنصار المتحمسون ل «إسرائيل» ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، يحثّون أمريكا على مهاجمة إيران. وكثيرون كانوا يتوقّعون أنه بعد غزو العراق (في 2003)، ستكون إيران الهدف التالي. والبعض في أمريكا شعروا بخيبة أمل لأن الولايات المتحدة لم تهاجم إيران أولاً.
وبالنسبة لهذه المجموعة، فإن تغييراً في سلوك إيران، أو حتى تغيير النظام في إيران، ليس كافياً. فهم يريدون تدمير قدرة إيران على أن تكون قوة اقتصادية وعسكرية إقليمية. وبعد أن تم إضعاف كل من العراق وسوريا، وبينما مصر لا تشكل أي تهديد لأمريكا، فإن إيران هي القوة الوحيدة المتبقية في الشرق الأوسط التي يجب تركيعها.
يضاف إلى ذلك أن الصقور وأنصار «إسرائيل» في أمريكا يعتقدون أن ضرب إيران سوف يسهل تسوية النزاع الفلسطيني – «الإسرائيلي». واليوم، يبدو أن الرياح السياسية في واشنطن تجري كما تشتهي هذه القوى. فهناك حملة في أمريكا ضد تدخلات إيران في نزاعات إقليمية، في حين تشير تصريحات مسؤولين كبار في الإدارة الأمريكية، مثل السفيرة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، إلى أن الولايات المتحدة ربما تميل نحو تدخل عسكري. وما يزيد الأمور سوءاً بالنسبة لإيران هو أنه ليست هناك أية قوة كبرى مستعدة للدفاع عنها. إذ إن روسيا والصين لن تخاطرا بمصالحهما من أجل الدفاع عن إيران.
ومثل هذه السيناريوهات قد لا تتحقق، ومن الممكن أن تستمر الولايات المتحدة وإيران في مسار لا حرب ولا سلام الحالي. ولكن يجدر بسلطات إيران أن تأخذ خطر تعرضها لهجوم أمريكي على محمل الجد.

*بروفسور وباحثة في الشؤون الخارجية في جامعة جورج تاون – موقع «لوب لوغ»


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى