مقالات عامة

استخدام البيانات وحركة الأسعار

نوا سميث*

يرغب البائعون دائما في زوال القوانين المنظمة لحركة الأسعار في الأسواق، فإذ ما قام البائعون برفع الأسعار للمستهلكين الذين يكونون على استعداد لدفع قيمة إضافية، فإن ذلك سيكون بمثابة فائدة و أكبر بالنسبة للتجار. لنقل أن لدي منتجاً ما، ولدي عميل على استعداد لدفع 100 دولار قيمة لذلك المنتج، وعميل آخر على استعداد لدفع 150 مقابله، فإنني بالطبع سأختار أن أساوي بينهما وأبيع بسعر 100 دولار منتجين اثنين بقيمة 200 دولار، وحتما فإن العميل الثاني سيكون رابحا أيضا. أما إذا ما قررت أن أبيع لكل عميل بسعر مختلف، فإنني سأكسب 250 دولارا، وفي هذه الحالة فإن العميل الثاني لن يكون مثل الأول من حيث الربح أو الادخار الذي حققه، وهو ما يطلق عليه اقتصاديا التمييز في الأسعار.
هنالك العديد من الأمثلة التي يمكن أن توضح تمييز الأسعار الذي يمارسه التجار، من وكلاء السيارات وحتى مسارح السينما وغيرها، ويكون الهدف الأول للتاجر معرفة ما يمكن للعميل أن يدفعه من خلال إجراء حوار مباشر، أو من خلال وضع فئات أسعار لكل شريحة مالية، وهو في النهاية يتلقون نفس الخدمة أو السلعة. أما إذا ما تم وضع أسعار محددة على السلع التي يراها الجميع، فإنه يجعل من الصعب على الباعة التمييز في الأسعار بين شرائح المستهلكين المختلفة من حيث القدرة المالية.
ولكن عند الحديث عن التجارة الإلكترونية، فإنني مثلا أعتقد أن السعر الذي يظهر أمامي هو نفس ما يظهر للآخرين، فهل ذلك صحيح؟ أظهرت العديد من الأبحاث أن الشركات تقوم بفرض أسعار مختلفة للعملاء الإلكترونيين، بما في ذلك أمازون، حيث إن الشركات تمتلك طرقا كثيرة لمعرفة مدى استعداد العميل لدفع سعر قيمة معينة، بعض تلك الطرق يبدو سهلا، مثل الناس الذين يستخدمون حواسيب أبل غالية الثمن، أو نوع البريد الإلكتروني الذي يتم استخدامه، فضلا عن استخدام تاريخ البحث في الإنترنت. إن هذا النوع من التمييز يمكن أن يكون خطيرا جدا على المجتمع، ولكنه يتضمن بعض الفوائد أيضا، مثل أن تتم محاسبة الأشخاص الفقراء بمبالغ أقل.
من هنا يبدو واضحاً ما أرغب في توضيحه، وهو أنه كلما زاد حجم البيانات والمعلومات الخاصة بالناس لدى شركات التجارة الإلكترونية، فإنه يمكنها التحكم في فرض السعر الذي يناسب هذا المستخدم استنادا إلى المعلومات الخاصة به وتاريخ تصفحه للشبكة، وهو ما يقودنا إلى مسألة البيانات وتحكم شركات التكنولوجيا الكبرى فيها، وضرورة إيجاد الآليات المناسبة التي تضمن حقوق المستهلكين بدون أي تمييز من أي نوع كان.

*ابلومبيرج

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى