مقالات عامة

استراتيجية البدائل

خيري منصور

تقتضي أحياناً ربع الساعة الأخيرة في أية قضية سواء تعلقت بالسلم أو الحرب تغيير الخطة المرسومة بحيث يجري استبدال «الخطة ألف» ب«الخطة باء» أو «جيم»، وثمة تبسيط لهذه الاستراتيجية أو بمعنى أدق «الميتاستراتيجية» في التداول الإعلامي، بحيث تبدو الخطط كما لو أنها مفاتيح تجرب في أقفال والحقيقة أن استراتيجية البدائل أعقد من ذلك؛ لأنها متحركة وليست ثابتة، وتراعي كل ما يمكن أن يطرأ على الموقف، وتستفيد هذه الاستراتيجية من نظرية الاحتمالات، أو الممكنات، وتعتمد على القرائن لترجيح قرار على آخر؛ لكنها في النهاية ليست وصفة سحرية أو ذات ضمانات أكيدة في النجاح، وهنا يبرز ما يسميه الفيلسوف هيجل مكر التاريخ أو مباغتاته غير المحسوبة والمتوقعة، وقد يؤدي ذلك إلى قلب الطاولة بكل ما عليها وحولها!
وهناك من الباحثين في هذا المجال وهم، على الأغلب، خبراء استراتيجيون من يرى أن للخيال دوراً كبيراً في استراتيجية البدائل.
وكما أن هناك خيالاً علمياً وأدبياً هناك بالمقابل خيال سياسي لم يتجسد تاريخياً في المدن الفاضلة كما هو الحال في الخيال العلمي؛ بل في قراءة الواقع من مختلف زواياه وهي القراءة البانورامية متعددة المستويات والأبعاد، وهناك في التاريخ البعيد منه والقريب حروب حسمت نتائجها لصالح من كانوا أوفر خيالاً، وبالتالي أكثر حذراً بحيث يعيدون النظر بما خططوا قبل فوات الأوان وأحياناً في الدقيقة الأخيرة.
استراتيجية البدائل لا تتعامل مع الواقع كما لو كان ثابتاً ولا مع الخصم باعتباره استنفد كل مالديه ولم يعد عنده أية احتياطيات يستدعيها، ورغم أن هذه الاستراتيجية حملت عبر التاريخ أسماء عديدة إلا أنها في النهاية تعني الدلالات ذاتها. والقول إن الحرب خدعة قد يختصر هذه الاستراتيجية من عدة جوانب في مقدمتها المباغتة وتحضير البدائل، والتهيؤ لتدارك أخطاء محتملة.
ورغم أن مثل هذه الاستراتيجيات تعد حديثة إلا أنها قديمة؛ لكن لم تكن في الماضي تعتمد على أكاديميات ومناهج يتقاطع فيها علم النفس مع علم الاجتماع وسائر العلوم إذا تطلب الأمر.
وقد لا تكون استراتيجية البدائل ضمانة مطلقة للنجاح؛ لكنها على الأقل تقلل من نسبة الفشل!
Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى