مقالات رئيس التحرير

افسح الطريق او تموت

محمد سعيد القبيسي

من المؤكد انكم قد سمعتم او قراتم عن هذا الموضوع في مكان ما او لربما تعرض الكثير منكم لمثل هذه المواقف التي ساذكرها لاحقا في هذا المقال. إنه موضوع “وحوش الطريق” كما اسماهم الكثيرون او كما اطلق على السائقين المتهورين الذين اتخذوا من الطريق ساحة لعرض مهاراتهم وعضلاتهم لاخافة الاخرين، بل وسوقهم الى حتفهم.

لقد لفت نظري حقا ما تناقلته بعض الصحف المحلية قبل ايام عن قيام شابين في العقد الثاني من العمر بقتل شخص في العقد الخامس من عمره، وذلك بعد تعرضه للضرب من قبل هذين الشابين، والسبب ببساطة عدم افساحه الطريق لهما.

ياله من سبب فظيع يجعل القتل مباحا هكذا، هذان اللذان حاولا تجاوز هذا السائق وحين لم يفسح لهما المجال قاما بصدمه واعتراض سيارته في الطريق العام واجباره على الوقوف ليبرحاه ضربا حتى فاضت روحه لبارئها غير مكترثين بالقانون ولا مراعين لكبر سنه. كان هدفهم فقط هو استعراض قوتهما على هذا الرجل المسن. قد تكون هناك اسباب كثيرة لعدم افساحه للطريق اهمها الزحمة او عدم انتباهه لهما او او او… وعلى الرغم من ذلك ومهما كانت الاسباب والظروف فهذا لا يعطي الحق لاياً كان التعرض لحياة اي شخص والاعتداء عليه، فاللدولة قانون وهناك المؤسسات القضائية أيضا التي وضعت لتنفيذ هذه القوانين وبيدها الحكم في مثل هذه الامور. لذا فكان من الواجب على هذين الشخصين الابلاغ عن هذا الرجل واتباع القانون بكل مراحله لاخذ حقهما، بالطبع ان كان لهما أي حق.

فما ذنب هذا الرجل المسكين وماذنب ان تترمل زوجته وأن يتيتم ابنائه؟ هل فقط بسبب استهتار هذين الشابين أم ماذا؟

أذكر قصة حدثت معي في أحد الأيام عندما كنت أقود سيارتي في احد الشوارع العامة على الخانة اليسرى من الطريق متقيدا بالسرعة القانونية. وكما هو معروف فان الشوارع في ساعات الصباح الاولى تكون مزدحمة نوعا ما في حين يقود جميع السائقين سياراتهم ملتزمين بسرعة محددة ومحاذيين لبعضهم البعض. إلا وأنه وفجاة ومن غير سابق انذار واذ باحد سائقي سيارات الفرويل يلتصق بي من الخلف ويبدأ باستخدام الأضواء الأمامية العالية لإنذاري لافساح الطريق له، ولكن كيف؟

فان رأيتم حالي لتعجبتم! فأنا لم أجد نفسي إلا ملتصقا بسيارة أمامي  وسيارة على يميني ورصيف على يساري، ولم أعد اعرف إلى اين اذهب او إلى أين ألتجأ، فصوت الة التنبيه الذي انطلق من سيارته أربكني وأفقدني عقلي، ولحسن الحظ، ما هي إلا لحظات حتى خفت الزحمة  فزحفت مسرعا يمينا لافسح الطريق له ولكن ياليتني لم أفعل، فسائق السيارة ذاك بدأ بالتقدم نحوي والانحراف يمينا تجاه سيارتي والفرملة امامي بطريقة تناورية. وأحمد الله بانه لم تكن مكاني امرأة أو سائق حديث العهد بالقيادة وإلا لتسببت هذه المناورات المتهورة في انحراف سيارتي والتسبب بحادث أليم.

والسؤال هنا: ماذنبي اذا كان الطريق مزدحم ولاتوجد فرصة لافساح الطريق له؟ لما العجلة التي تعرض حياة الناس للخطر؟!

لابد ان يعرف هؤلاء السائقون ان لكل شخص في هذه الدنيا همومه وافكاره ومشاغله والشخص الذي قد يكون خلف مقود سيارته قد يكون غير منتبه للسيارات التي خلفه، وقد يكون هذا الرجل الذي قُتِل أحد هؤلاء الناس فلم ينتبه للسيارة التي خلفه او لربما لم يرها لاسباب اخرى لا يعرفها إلا هو، ولكن ما الفائدة الان فهو قد التحق بالرفيق الاعلى ولا احد يعلم الاسباب التي جعلته يتاخر في افساح الطريق لهم الا هو.

وايضا السبب الرئيسي الاخر لمثل هذه الجرائم التي قد تحصل والذي يجب ان ننوه عنها هو الغضب والذي يعتبر تفاعل داخلي وجزء لا يتجزأ من حياة الانسان، وبالتالي لا نستطيع التخلص منه ولكن بمقدورنا التخفيف منه قدر الامكان، وذلك لما يحمله الغضب من مشاعر طاغية وحشية يمكن للانسان حينها ان يرتكب جريمة ولأتفه الاسباب. وعندما يتملك الغضب الانسان يصبح آنذاك فاقدا لعقله ويتحول غضبه إلى المسيطر الوحيد الذي يقود تصرفاته حينها، ولابد للانسان ان يتحكم في هذه اللحظات والتي قد تنتج عنها تصرفات قد تتركه خلف القضبان لسنوات.

وفي النهاية نود ان نذكر مستخدمي الطريق بان الطريق ساحة كبيرة تضم فئات وجنسيات واعمار مختلفة من الناس والذين تختلف ظروفهم وأطباعهم عن الاخرين وعليهم مراعاة هذه الظروف والتقيد بالانظمة واللوائح المرورية التي وضعت لسلامة مستخدمي الطرق، وعدم تعريض حياتهم وحياة الاخرين للخطر. وان حدث وكنت في عجلة من أمرك فالسرعة لن توصلك الى وجهتك مبكرا الا بدقائق قليلة قد تنجو منها احيانا وقد تفقد حياتك بسببها او تعيش عاجزا لبقية عمرك في سبيل هذه الدقائق، فالاولى إذا هي حياتك فلا تخاطر بها مقابل لا شيء.

زر الذهاب إلى الأعلى