قضايا ودراسات

الإبداع لا يتطلب العبقرية

شيماء المرزوقي

يعتقد بعضهم أن الإبداع محصور بالأذكياء، الذين يتمتعون بقدرات عقلية كبيرة أو عالية، ومثل هذا الظن بطبيعة الحال غير صحيح، ورغم هذا فإنه شائع ومتواجد بيننا بطريقة أو بأخرى، ولعل نشوء مثل هذا الظن يعود لما تحمله الفكرة الإبداعية من وهج وتميز، تجعل الآخرين يعتقدون أنها وظيفة نخبوية أو تحتاج لقدرات ومواهب وصفات محددة من الناس. إحدى الصديقات وهي تدير عشرات من الموظفين منذ سنوات عدة، وفي جلسة جمعتني بها أشارت إلى هذا الجانب، عندما أبلغتني بموقف مر بها خلال اجتماع عمل مع فريق من أهم موظفيها، حاولت خلاله الحث على التفكير الإبداعي، وتقديم مبادرات مبدعة، وأن على كل واحد في مجال عمله أن يحاول أن يقدم أفكاراً مبدعة ومتميزة، تقول: «فوجئت أن أحدهم يطلب مني أن أفرق بين الأذكياء، ومن هم أقل ذكاء، وأن أضع المعيار أمامه عند التقييم؛ لأن القدرات العقلية مختلفة بين موظف وآخر». تضيف، أنه فضلاً عن الخطأ التام والواضح في مثل هذا الكلمات، فإن هناك خطورة أخرى لا تقل أهمية تتعلق بمن تصدر عنه مثل هذه الكلمات فهو موظف قيادي، وتحت القسم الذي يديره عدة موظفين، وهذا يعني أنه لن يشجع؛ بل سيكسر الحماس، ويقلل من قيمة العمل الإبداعي إما لجهل بطبيعة الإبداع وكيف تتم تنميته في روح وقلوب فريق العمل أو لأنه يعتقد أن الإبداع فعل نخبوي لا يمكن مشاركة مجموع الموظفين فيه، وفي الحالتين هو على خطأ تام.
لذا أجد أن أي قطاع يريد أن ينمي الحس الإبداعي بين موظفيه على مختلف درجاتهم ومناصبهم، عليه أولاً أن يتوجه نحو المديرين ورؤساء الأقسام بدورات متخصصة في علوم الإبداع والتميز، وكيف نستطيع أن نجعل التفكير الإبداعي جزءاً من المهام الوظيفية اليومية، فضلاً عن هذا من المهم تنمية معرفتهم عن آليات وطرق الإبداع؛ لأن هؤلاء هم اللبنة الأولى في أي عملية تغيير تقوم بها أي منشأة للتطور، فمن خلالهم سيتم التوجه نحو كافة الموظفين، وهم من سينقلون هذه المعارف الإبداعية ومحاسنها وفضائلها إلى كافة الموظفين.
الإبداع ليس عملية عقلية تتطلب الذكاء؛ لكنه رغبة يجب أن ننميها ونعلمها للجميع.

Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى