مقالات عامة

البحث عن «دي نيرو العرب»

مارلين سلوم

روبرت دي نيرو في دبي. ماذا يفعل النجم العالمي والممثل الأمريكي (الإيطالي الأصل)، وسط السياسيين، والمسؤولين، والمبتكرين، والباحثين، وأهل التكنولوجيا.. في القمة العالمية للحكومات؟
ضجت القاعة، ووقف الناس في طابور طويل بانتظار حضور الجلسة التي شارك فيها هذا النجم، والتي بحثت التغير المناخي والعمل من أجل حماية بعض الجزر المتضررة. هو جاء ليحكي عن قضية «إنسانية» بيئية، حملها على عاتقه وتعهّد بأن يحكي عنها، ويعمل من أجلها.
دي نيرو جاء إلى دبي من أجل جزيرة بربودا التي دمرها إعصار إرما عام 2017، والتي تعهد بالمساعدة على إعادة بنائها، وقد حوّلها الإعصار إلى كتلة غير صالحة للسكن. الأمر ليس غريباً عليه، ولا على أي نجم أجنبي، قرر أن يتبنى قضية إنسانية ويتعهد بالعمل من أجل حلها «قدر المستطاع».
اسمحوا لنا أن نقارن بين تحركات هؤلاء النجوم، وتحركات النجوم العرب. اسمحوا لنا أن نسألهم عن أي قضية حقيقية يدافعون؟ أي قضية، أو أزمة حملوها بكل الحب، ووضعوها على رأس أولوياهم، باعتبارها مهمة رسمية وجدية يكافحون من أجلها؟ من منهم استغل الشهرة من أجل عمل إنساني مهم؟
من سمع وشاهد دي نيرو متحدثاً ومشاركاً في القمة، رأى إنساناً قرر أن يستغل شهرته ليفيد بها الآخرين، جعلها جسر عبور بين مقهورين أو مشردين وبين ضمير العالم ومسؤوليه. قرر أن يستخدم صوته لخدمة البيئة والأرض ومستقبل البشرية. هو استغل حب الجمهور له، وإعجاب بعض المسؤولين به، في سبيل لفت الأنظار إلى خطر حقيقي يهدد مستقبل الأرض، إن لم تُتخذ الإجراءات بشكل حاسم وسريع للحد منه.
لا تملك إلا أن تسأل نفسك: أين النجوم العرب؟ سمعنا عن ألقاب حملوها، وأن منهم من وصل إلى رتبة «سفير»، لكننا لم نر أفعالاً توازي تلك الصفات. سمعنا الجعجعة ولم نر قمحاً. لا يهمنا أن يزوروا مخيمات، ولاجئين، أو مرضى، وبعض «أصحاب الهمم»، بقدر ما يهمنا أن يحمل كل منهم ملف قضية، ويصير ناطقاً باسمها، مقتنعاً بها، باحثاً في العمق وبكل إصرار وعزم عن فهمها أولاً، والإيمان بها ثانياً، ومن ثم التحدث عنها في محافل الكبار، وفي مؤتمرات وقمم عالمية.
كل فنان قادر على أن يمثل نفسه، وأن يمثل شعباً، أو فئة من الناس، أو بقعة تعاني في هذا الزمن الصعب. المهمة ليست مستحيلة ولا معقدة، المطلوب فقط أن يتخلى عن أنانيته وانشغاله طوال الوقت بقياس أعداد المعجبين، واختيار الأعمال المناسبة، ويتحول إلى ناشط اجتماعي، رسول خير، ناطق باسم الإنسانية وهمومها وقضاياها الآنية والمستقبلية.. فهل من الصعب أن نرى «دي نيرو العرب» بيننا؟

marlynsalloum@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى