مقالات عامة

التعليم الخاص

ابن الديرة

التعليم الخاص يفرض نفسه شريكاً رئيسياً في العملية التربوية التعليمية، جنباً إلى جنب مع التعليم الرسمي الحكومي، بشروطه هو، باعتباره مستثمراً يريد أن يجني الأرباح الطائلة ولا يحتمل الخسارة، بل لا يتقبلها بأي شك، فلم نعرف على الإطلاق مؤسسة تعليمية خاصة تعمل وتخسر بطيب خاطرها، وليس لسوء إدارتها.
البحث في تحديات الاستثمار خطوة مجتمعية مهمة وأساسية؛ لضمان الاستفادة من قدرات الشريك، لكن هذا الاستثمار المطلوب -والأرباح الضرورية الناجمة عنه- يصبح بلا طعم ولا معنى إذا تجاهل المجالات الحقيقية للاستثمار في هذا القطاع، والتي تعتبر الاستثمار الحقيقي والجاد، وهي أن المخرجات يجب أن تكون إيجابية في كل مكونات التعليم الخاص، وليس الهدف التجاري فقط.
من أولويات المهام في القطاع التعليمي الخاص، هو أن تتحول المدرسة من تقليدية إلى مؤسسة معرفية متطورة، من فصول الحضانة والتمهيدي إلى الثانوية العامة، بحيث يكون منتجها طالباً متميزاً، ذكياً، غير عادي، وهذه النتيجة المثالية تستلزم التعامل مع مكونات العملية التعليمية من منظور استثماري أيضاً، فكلما أنفقت المدارس الخاصة بعلمية وعقلانية حصلت على نتائج رائعة ضمن المتوقع والمنطقي.
الاستثمار الحقيقي يجب أن ينطلق من إعداد المعلم القادر على أن يواكب التطور العلمي، ويتطور مع تطور أساليب التعليم، وانتقالها من التلقين والحفظ والاختبار إلى البحث العلمي والاكتشاف والابتكار والإبداع، فمن دونه لا وجود للعملية التربوية التعليمية مطلقاً، وبقدر تطويره وإطلاعه على مستجدات العلم والتكنولوجيا، سيكون تأثيره في طلابه، ومن معارفه وقدراته وخبراته ينهلون وتتشكل شخصياتهم.
المعلم يجب أن يكون مقدَّراً مالياً، بمعنى أن يحصل على راتب مناسب لمستوى معيشي متوسط على الأقل، لا مجال فيه للبحث عن مصدر رزق إضافي لا يتناسب ومكانته الاجتماعية، سواء بالدروس الخصوصية، أو العمل في مهنة أخرى لبضع الوقت، والحقيقة أن رواتب بعض معلمي المدارس الخاصة مهينة ولا تليق بالمهنة السامية المقدسة والقائمين عليها والمؤتمنين بها.
المبنى المدرسي أيضاً يجب أن يتمتع بمواصفات خاصة، منها البعد عن المناطق السكنية، وأن يحتوي على ملاعب رياضية متكاملة، وغرف للعلوم والأنشطة الحياتية، والتدريس، وجميع الخدمات الضرورية، التي تشكل في مجموعها عامل جذب للطالب، تجعله يحب المدرسة والعلم، ولا يعتبرهما نقيضاً ولا عدواً له.
الجميع يرحب بالاستثمار في القطاع التعليمي الخاص، على أن يراعي المستثمرون أن الربح ليس هدفاً وحيداً، ولا على رأس التطلعات، لكنه واحد من الأهداف التي يسعون لتحقيقها، وفي المقدمة منها المخرجات النوعية للتعليم، التي تتجسد في طالب نوعي ليس ككل الطلاب، قادر على أن يكون شريكاً في عملية البناء والتنمية، ويقودها مستقبلاً، ولديه الإمكانيات التي تؤهله للعيش مع مستجدات المستقبل بنجاح.

ebnaldeera@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى