قضايا ودراسات

التكامل التكنولوجي بين الحكومة والصحافة

جيل ليبور

إذا ما نظرنا لكل حكومة على أنها آلة تمتلك من القوة والعيوب ما هو متباين، فإن الحكومة الأمريكية حركتها الديمقراطية منذ بداياتها، رغم إنها مرت بالعديد من النكسات، ولكن ظهور الصحافة المطبوعة والبريد والراديو والتلفاز والانترنت، كل منها له مؤيدون أكدوا أنها تعمل على توحيد الدولة أو جعلها أكثر كفاءة، أو أكثر من ذلك إصلاح عيوب محرك الأنظمة السابقة. ويمكن للنظرية أن تكون خاطئة في أغلب الأحيان بسبب أن الأنظمة واللوائح المنظمة لكل مجال تختلف من حقبة لأخرى.
الدستور نفسه يراه راسموه أنه آلة تم صنعها بدقة كبيرة يفصل ويحدد القوة السياسية المعهودة لفئة على أخرى، وبالتالي فهي حسب اعتقادي كانت مشابهة لطريقة عمل الأجهزة الميكانيكية، فيجب أن تتكامل كل العناصر التي تعمل ضمن الآلة لئلا تتوقف أو تتعطل عن العمل، ولكن المحرك الرئيسي لتلك الآلة هي الصحافة، كما قال توماس جيفرسون. لقد تأسست الولايات المتحدة كنتاج سياسي محايد يمكن أن يتطور ويتقدم بعون من التكنولوجيا، إلا أن العديد من التقنيات وفرت الكثير من الحلول المتباينة التي لا يمكن استخدام أي منها إلا في مجال محدد دون غيره.
المساواة كانت أحد أهم الموضوعات التي روجت لها الصحافة التي كان يمكن لأي شخص اقتناء نسخة منها، إضافة إلى المجلات مثل «تايم» التي غيرت شكل الصحافة المطبوعة في الولايات المتحدة وقت ظهورها، ولكن إذا ما نظرنا للأمر من زاوية أكثر وضوحا، سنجد أن كلا من الاضطرابات السياسية والتكنولوجية تغذي بعضها بعضاً منذ أن تأسست الدولة، في ظل التحولات الرقمية التي تشهدها الخدمات الحكومية والصحافة على حد سواء.
إن التطور الذي طرأ على الحكومة منذ نشأة الدولة، واعتمادها المتزايد على التكنولوجيا، أدى إلى العديد من الاضطرابات بينها وبين الصحافة التي لم تتوقف هي أيضا عن الاعتماد على التكنولوجيا التي تضمن لها انتشارا أوسع من ذي قبل، ولكن هنالك بعض الأمور التي لا يدركها الكثيرون، وهو أن الوضع الذي يبدو كسباق محموم بين ندين تقليديين لم يكن سلبيا أو إيجابيا بالكامل.
التكامل الذي يجب أن تكون عليه الحكومة والصحافة في ظل التنافس التكنولوجي، ينبغي أن يصب ضمن إطار واحد، وهو خدمة الدولة، لا التلاعب بمصيرها كما يحدث الآن، فالحرب الجارية الآن بين الأوساط السياسية والصحافة، ومعها مواقع التواصل الاجتماعي وعمالقة التكنولوجيا، هي نتاج لرغبة الطرفين السيطرة الكاملة على الأوضاع.

نيويورك تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى