قضايا ودراسات

التكامل بين السياسة والتكنولوجيا

رايان بيدج

لعبت الثورة التكنولوجية الحديثة دوراً بارزاً في تغيير الصورة النمطية السابقة للإدارة السياسية، فالطريقة التي كنا نتبعها قبل نحو عشر سنوات لم تعد كما كانت، غير أن بعض الدول النامية لا تزال تواصل نهجها، ولم تستطع التحول لمواكبة هذا التطور. خلال مؤتمر عقد في برلين قبل نحو 4 أشهر، استمعت إلى بيانات أثارت استغرابي الشديد، فلم أكن أدرك أن العديد من الدول لا تزال تتبع ذات النهج الإداري في الخدمة المدنية والإدارة السياسية.
الاتصال المؤسسي هو أحد أهم العوامل التي تساعد على نجاح أي كيان مؤسسي، سواء كانت مؤسسة حكومية أو شركة خاصة أو منظمة غير حكومية، وهو ما يجعل منها كياناً فاعلاً يستطيع تحقيق أهدافه بكل سهولة، وهذا الاتصال المؤسسي يعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا الحديثة التي تمكنت من تسهيل التواصل بين المؤسسات والأفراد والكيانات الأخرى بطريقة أكثر فاعلية.
الأحزاب والقوى السياسية استطاعت أيضاً استغلال الثورة التكنولوجية بأفضل طريقة ممكنة للتواصل مع أكبر شريحة ممكنة من الناس، فيما استغلت كيانات سياسية أخرى وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة سلبية، وهنا أقصد الأقاويل التي دارت حول تدخل حدث في الانتخابات الأمريكية، فإن كان ذلك الأمر صحيحاً، فإن العديد من الأطراف العالمية قفزت ونالت من التكنولوجيا الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي أكثر مما هو مسموح، فمن غير المنطقي استغلال هذا الأمر لتحقيق غايات سياسية غير مشروعة.
خلال مناقشتي الأمر مع بعض طلابي في الجامعة، اكتشفت صدفة أن العديد من الطلاب الذين يتبنون توجهات سياسية معينة، أصبحوا يعولون على وسائل التواصل الاجتماعي؛ لتحقيق أهدافهم والوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من مؤيدي الحزب، مع امتلاك تلك الكيانات السياسية الأدوات اللازمة التي تمكنها من استقطاب المزيد من المؤيدين، وهنالك استراتيجيات معينة تقوم القوى السياسية بتعليمها لأعضائها لاتباعها في الحملات التي يقومون بها، من خلال إطلاق الأخبار الزائفة والمغلوطة، وهي واحدة من المشاكل الكبيرة التي تواجهها منصات التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة.
لا بد من أن تعمل القوى السياسية ضمن الأطر الأخلاقية المحددة التي ترسم توجهات السلوك الخاصة بها، كيف لا وهي التي يربط الناس آمالهم بها؛ لتحسين أوضاعهم المعيشية وتوفير البيئة السياسية التي يتشارك فيها الجميع، فالقيادة يجب أن تكون محددة بتلك الأطر الأخلاقية أولاً، لا بمحاولات إقصاء المنافسين أو التغلب عليهم بطرق غير مشروعة.

فاينانشال تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى