قضايا ودراسات

الحاجة إلى العطاء

سوسن دهنيم

قد يبدو العنوان خاطئاً لدى من اعتادوا الأخذ ونسوا معنى العطاء، فيما هو في العمق من المعتاد لدى من دأبوا على العطاء وما أكثرهم في محيطنا.
نحن إذ نعطي فإننا نعطي لأنفسنا، ونسهم في تطوير مجتمعاتنا وإرساء معاني الإيثار والإخلاص والأمانة. وكم هو مهم أن نغرس هذا في عقول وقلوب أطفالنا كي نضمن مجتمعاً أجمل لهم وبهم في المستقبل.
سبب هذا القول هو أنني سمعت قبل فترة قصة أختين، أثارت في قلبي الغبطة والفرح، فقررت نشرها لتكون قدوة لغيرهما؛ فقد انتبهتا إلى وجود زميلة لهما لا تأكل شيئاً في وقت الاستراحة، وحينما حاولتا معرفة السبب علمتا أنها من أسرة فقيرة لا تمتلك قوت نفسها، فبدأت إحداهما بإعطائها مصروفها اليومي وطعامها في كل يوم. ولأنها كانت تبقى حتى عودتها إلى المنزل من غير طعام، قررت أختها أن تتقاسم معها طعامها، ووضعتا خطة أن تقوم كل يوم واحدة منهما بترك مصروفها وطعامها في حقيبة زميلتهما من غير علمها، فيما تقومان باقتسام حصة الأخرى معاً.
هذه المبادرة أسهمت في سد حاجة طالبة وخلقت بداخلها امتناناً للمجتمع الذي يشعر بها ويسوق لها ما تحتاجه، وبالطبع ستقوم هي برد هذا يوماً، حين تتخرج وتعمل، وهو أمر نشاهده ونقرأه دائماً في كثير من الحالات. كما أنها علّمت هاتين الأختين معنى العطاء سراً كي لا يشعر الآخر بالحرج وهو يأخذ، وكم نحن بحاجة لمثل هذه الأخلاقيات.
اليوم ومع وجود وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الحديث صار من السهل إيصال الرسائل الهادفة إلى الجميع من خلال نشر ما من شأنه الحفاظ على ترابط المجتمعات والأخلاق والمبادئ التي علمنا إياها رسولنا الكريم وديننا الحنيف، فهل نفعل؟

sawsanon@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى