مقالات عامة

الحكومات والاستعداد لعصر الأتمتة

على الرغم من أن مئات ملايين الموظفين والعاملين سيخسرون وظائفهم بحلول العام 2030 نتيجة لثورة الذكاء الاصطناعي والأتمتة، فإن هؤلاء الناس لن يمتلكوا فرصاً للحصول على وظائف جديدة ما لم تتبنَ الحكومات في الدول الأكثر تأثراً بتلك الثورة الجديدة خططاً إنفاقية أكثر توسعاً في البنى التحتية والتدريب.
وقد أظهرت دراسات حديثة العديد من الآثار السلبية للذكاء الاصطناعي والروبوتات على سوق العمل، حيث أن أكثر ما يرغب شريحة من الاقتصاديين حول العالم في إيصاله أن الروبوتات لن تكون ذات تأثير سلبي على البشرية إلى المدى الذي يتوقعه كثيرون، رغم أنها يمكن أن تؤثر بمنحنى متقلب على معدلات الإنتاجية البشرية كما حدث بعيد فترة الحرب العالمية الثانية التي تراجعت فيها الإنتاجية إلى مستويات متدنية تاريخيا.
وحذرت تقارير ودراسات أخرى من أن نصف المهام التي يقوم بها الموظفون والعمال هذا العام يمكن أن يغزوها الذكاء الاصطناعي، وفي حين أن شريحة الوظائف التي يمكن أن تشغلها الأجهزة والروبوتات تبدو غير كبيرة إلى المدى الذي يعتبر مقلقا، إلا أنها سوف تؤدي إلى تسريح الكثير من الموظفين ذوي المهن المتخصصة في حال لم تتبنَ الحكومات الاستراتيجيات التنظيمية للذكاء الاصطناعي.
وأشارت دراسة أخرى حديثة في مضمونها عن التأثير الفعلي للذكاء الاصطناعي على العالم الحقيقي، إلى أن النمو الاقتصادي وتأرجح مستوى تبني التكنولوجيا الحديثة والأنواع الجديدة من الوظائف يمكن أن يستمر لفترة تؤدي إلى تأخر تبني هذه التقنيات، ومن جانب آخر أيضا تسريع وتيرة التوجه نحو تبنيها في مجال العمل واستبدال الأيدي البشرية العاملة. ويقول خبراء إن هنالك فكرة سائدة بأن كل الوظائف التي يقوم بها الناس سوف تتلاشى خلال العقدين القادمين، وهي الترجيحات التي قالوا إنها متشائمة إلى حد كبير في الوقت الراهن، بيد أنهم أشاروا أيضا إلى أن حجم التحدي من غزو الذكاء الاصطناعي مجالات العمل يزداد يوما بعد يوم.
إن ثورة الذكاء الاصطناعي التي تستعد لغزو قطاع القوى العاملة البشرية سوف تكون موضع مقارنة مع الثورة الصناعية، فعندما تؤدي الثورة الاصطناعية إلى نزوح كبير من جانب المزارعين والعمال وسكان الأرياف الذين يعتمدون على الزراعة في كسب قوتهم إلى المدن مثلا، فإن ذلك سيكون رادعاً لاستمرار تطور هذه التكنولوجيا وتقييد تبنيها واستخدامها، أما إذا وجدت الحكومات سبيلاً للموازنة بينهما وضبط تأثيرات كل جانب على الآخر وصهرهما في منظومة متناسقة، فإن النتائج يمكن أن تكون إيجابية، فيما أن انحياز الحكومات بالكامل لثورة الذكاء الاصطناعي يخلق تحديات جدية أمام الناس.

فايناننشال تايمز

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى