قضايا ودراسات

الحوسبة الكمية أم الذكاء الاصطناعي؟

ويليام هارلي *

تؤكد الكثير من الأوساط التكنولوجية والمعاهد البحثية العالمية على أن الذكاء الاصطناعي سيكون العنصر الأهم الذي يشكل مستقبلنا خلال العقدين القادمين، ولكن آخرين يرون أن الحوسبة الكمية سيكون لها التأثير الأكبر على الثورات الرقمية القادمة. تستند تقنية الحوسبة الكمية إلى مبادئ نظرية الكم التي تفسر طبيعة المواد والطاقة على المستوى الذري، وتعتمد على ظواهر الميكانيكا الكمية التي تتضمن العديد من النظريات مثل التشابك والعلاقات بين المواد.
من أهم التجارب التي أجريت في فعالية تقنية الكم، تجربة العالم إيروين شرودنجر الشهيرة، التي أجريت على قطة حية وميتة في نفس الوقت، وكان الهدف منها تسليط الضوء على التراكب الكمي بين جزيئات المواد، وأثبت من خلال عدد من التجارب التي أجراها أن نظام الكم يمكن أن يكون موجوداً في العديد من الحالات حتى يتم ملاحظته أو قياسه. ومن جانبه كان ألبرت آينشتاين يراقب ما يوصف بالقدرة على التحكم عن بعد، بما يفوق سرعة الضوء.
تُستخدم الحوسبة الكمية بطرق تختلف عن بعضها البعض، وبالتالي فإن التفسير الوحيد لكيفية عملها يختلف وفقاً لاستخدامها، ولكن أحد المبادئ يمكن أن يساعد القراء على فهم الفروقات الموجودة بين الحوسبة التقليدية والحوسبة الكمية، فالنوع الأول يعمل على أسس ثنائية، وهو ما يعني أنها تعتمد على وجود المادة في حالة من اثنتين، وهو النوع المناسب للاستخدام حالياً في ظل التقنيات والإمكانيات الموجودة. أما النوع الآخر فهو متطور جدا، وأعتقد أنه سيكون الثورة التكنولوجية القادمة نظرا للإمكانيات الكبيرة التي يتميز بها، والذي لا أتخيل أنه يمكن مقارنته بالذكاء الاصطناعي الذي يعتبر محدود الإمكانيات والآفاق بالنسبة للحوسبة الكمية.
أنا شخصياً معجب جداً بالحوسبة الكمية، فهي تدهشني في العديد من المستويات، من مميزاتها التقنية إلى تطبيقاتها التي ستكون إضافة كبيرة للبشرية، وهي ستمثل دعماً كبيرا للإمكانيات الموجودة حالياً في الحوسبة الكلاسيكية، ويمكنها أداء مهام أكثر تعقيداً من الحواسيب المتطورة المستخدمة الآن، مع العلم أنها لا يمكن أن تعمل لوحدها، بل ستكون إضافة إلى النظم التقليدية.
استخدامات هذه التقنية ستتضمن إيجاد حلول أكثر فعالية في العديد من المجالات مثل الطاقة والخدمات المالية والرعاية الصحية والطيران وغيرها، وسوف تعزز ما تتمتع به من إمكانيات من قدرتنا على التخلص من العديد من الأمراض المستعصية، وتطوير أسواقنا المالية، وحتى إيجاد حلول نهائية لظاهرة التغير المناخي. وإذا ما تمكنا من تخصيصها لخدمتنا، فإنها بالتأكيد ستكون الجيل القادم من التقنيات التي ستغير حياتنا بصورة جذرية.

* أدفانس ساينس

زر الذهاب إلى الأعلى