قضايا ودراسات

الدول النامية والثورة التكنولوجية

لا تزال الدول النامية في مرحلة متأخرة في تبني التكنولوجيا الرقمية الحديثة؛ وذلك أمر طبيعي؛ بسبب أن التأخر الذي تعانيه اقتصادياً واجتماعياً في بعض الأحيان لا يفسح لها المجال أمام تبني تلك التقنيات على نطاق واسع، رغم أن بعض الدول الإفريقية استطاعت استغلال الثورة التكنولوجية الحديثة على نطاق محدود؛ للارتقاء بخدماتها الرقمية؛ مثل إثيوبيا وغيرها، ولكن ما لا تعرفه تلك الدول في إفريقيا وأمريكا الجنوبية وآسيا، أن التكنولوجيا يمكن أن ترتقي بجميع العناصر التي تتضمن الاقتصاد والسياسة وغيرها؛ لكنها في الوقت ذاته لا تمتلك الموارد اللازمة لتبنيها؛ بسبب الضعف المالي أو المشاكل السياسية، وهنا يأتي دور الدول المتقدمة والمنظمات الدولية التي استطاعت تمويل الكثير من مشروعات الطاقة ووفرت الدعم المالي في العديد من الأشكال المختلفة.
هذا الدور الذي يقع على عاتق الدول المتقدمة والمنظمات الدولية، يجب أن يؤخذ على محمل الجد، فقد أثبتت التكنولوجيا أن بمقدورها انتشال الدول من مستنقع الفساد السياسي والمالي، الذي يمثل أكبر عقبة في التنمية الاقتصادية، وهنالك الكثير من الأمثلة على ذلك. خلال مؤتمر التكنولوجيا الإفريقي، الذي استضافته العاصمة الكينية نيروبي قبل عدة أشهر، الذي لم يحضره للأسف سوى قلة من ممثلي الدول المتطورة إلى جانب ممثلين آخرين عن منظمات دولية، إضافة إلى مندوب واحد من البنك الدولي وصندوق النقد، أشار الخبراء والمراقبون إلى الكثير من النقاط المهمة التي يبدو أنها ستكون الخلاص لتلك الدول من مشاكلها الاقتصادية والسياسية على حد سواء، وخلصت توصيات المؤتمر إلى تشكيل استراتيجية عمل لا يمكن تنفيذها إلا بدعم تقني ومالي كبيرين من المجتمع الدولي.
أولى توصيات ذلك المؤتمر، كانت إرسال فرق من المنظمات الدولية لدراسة الحالة الاقتصادية في بعض الدول الإفريقية؛ لتقييم الأوضاع فيها، والتعرف إلى الكلفة المالية؛ لإنشاء استراتيجيات رقمية تعزز من قوة الأنظمة الإدارية والمالية فيها، وتجتث الفساد والمحسوبية، وتغير الممارسات الحكومية والاجتماعية في التعاطي مع التكنولوجيا الحديثة. وقدر أحد الخبراء في المؤتمر أن الكلفة الأولية لدولة متوسطة الحجم؛ لإحداث التغير اللازم وتبني الثورة التقنية التي تتمتع بها الدول المتقدمة يبلغ نحو 7 مليارات دولار في إفريقيا، ورغم ذلك فإن تلك الكلفة يمكن أن تكون أقل من ذلك بكثير، فيمكن للمنظمات استقطاب الاستثمارات العالمية؛ لتغطية أكثر من ثلثي التكاليف وتتكفل هي بما تبقى؛ لأن الاستثمار في التكنولوجيا ينطوي على فوائد كبيرة لا تقتصر فقط على الخدمات الحكومية كما هو معروف على نطاق واسع في القارة؛ بل إنه يمكن أن يغير واقع الكثير من الدول فيها.

مجلة علماء الذرة

زر الذهاب إلى الأعلى