قضايا ودراسات

الدين النصيحة

سوسن دهنيم

ليس هناك إنسان على وجه البسيطة لا يحتاج للنصيحة كائناً من كان، مهما كان موقعه ودرجته العلمية أو الاجتماعية، ومهما كانت مرارة النصيحة أو جرعة الألم الذي قد تسببه.
وبالرغم من ذلك، نجد أننا كبشر، غالباً ما نبحث عمن يُشيد بنا قبل أن نبحث عن النصيحة، مع علمنا بأن النصيحة الصادقة لا يعادلها شيء، وأنها دليل إخلاص ومحبة.
لا تختلف ضرورة النصيحة مهما كان الأمر بسيطاً أو كبير الأهمية؛ فالنصيحة الصادقة تصل إلى القلب، خصوصاً حينما تكون من شخص محب. يقول المثل الروسي: «وحده من يحب، يحق له أن يلوم ويصلح».
ومقومات النصيحة لا تخفى على أحد، وأهمها الخصوصية؛ إذ لا تُقال أمام جمع من الناس؛ بل بشكل خاص وعلى انفراد وبكثير من الودّ والتحبب، وذلك تحاشياً للحساسية وتقديراً للشخص ذاته، فمن غير المستحب نصيحة أي كان أمام الناس.
وقد أشار إلى ذلك الشاعر أحمد شوقي حين قال: «آفة النصح أن يكون جدالاً :: وأذى النصح أن يكون جِهارا». أما الإمام الشافعي، فقد شخّص ذلك في إحدى قصائده:
تعمّدني بنصحك في انفرادي
وجنّبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع
من التوبيخ لا أرضى استماعه
وإن خالَفتني وعصيتَ قولي
فلا تجزع إذا لم تُعطَ طاعة.
والنصيحة فنّ له أدواته ومسوغاته وطرقه، متى ملكنا زمامها أحسنّا توجيهها، وإلا صارت وبالاً على قائلها، وإحراجاً وجرحاً للموجهة إليه. وقوام النصيحة، الصدق والودّ والمحبة واختيار الزمان والمكان المناسبين لها، فتكون النصيحة كالماء الزلال تُطفئ العطش وتُروي الظمأ وتصل إلى الأعماق.
سؤال يطرح نفسه: هل نحن في هذا الزمان مهيّؤون لقبول النصيحة والأخذ بها؟ هل نعي ما قصده قس بن ساعدة حينما قال: «من نصحك أحسن إليك؟»
هل نعرف عمق ودقة المعنى فيما قاله الرسول المختار صلى الله عليه وآله وسلم: «الدين النصيحة؟»
جميلة هي النصيحة متى ما كانت صادقة من قلب صادق.

sawsanon@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى