مقالات عامة

الضحية مدان بالمساعدة

ابن الديرة

تزايدت أعداد قضايا النصب والاحتيال التي يلجأ الضحايا فيها إلى القوى الأمنية لتعالج هفوتهم ، وطمعهم، وسذاجتهم، وتقبض على المحتالين وتسلمهم للعدالة، وتعيد للضحايا ما تبقى من فتات المجرمين، حقهم المسلوب عنوة وخديعة، والذين شاركوا أنفسهم، بطريقة أو بأخرى، في التفريط فيه طمعاً في كسب المزيد بطرق غير مألوفة، وليست آمنة، وعروضها يجب أن تثير الشك والريبة، لكنه الطمع الذي يتمكن في البعض فيحرمه نعمة العقل والتعقل.
عمليات النصب سواء تلك التي تتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو بين الناس مباشرة، تأخذ في معظمها أسلوباً احتيالياً متقارباً، يدغدغ الضعف البشري أمام المال والكسب السهل والسريع، يعززه الطمع غير المحدود، والأمثلة عليها عصية على الحصر، ومنها تبليغ الضحية أنه كسب جائزة كبرى، وعليه دفع مبلغ حتى يتم تحويلها لحسابه، أو شراء أشياء ثمينة بدفع مقدم الثمن والمبلغ المتبقي الكبير بواسطة شيك يستحق بعد يومين، وما إن يذهب الضحية لصرفه حتى يكتشف أنه تعرض للنصب والاحتيال.
جلسة حوارية بين جهات مختصة خلصت إلى توصية نحو تشديد عقوبة كل من يتورط في جريمة احتيال بواسطة الشيك، واعتبار جريمته جنائية وليست جريمة شيك من دون رصيد، كما يتم حالياً، وفي الوقت نفسه زيادة جرعة التوعية الموجهة للجمهور، ليصبح أكثر حرصاً على ماله وممتلكاته ولا يبددها بسهولة وتفريط عجيبين.
تشديد عقوبة المجرمين المحتالين الذين يبحثون عن الدخل العالي السريع بطرق غير قانونية، وعلى حساب الآخرين، أمر واجب ومنطقي للخلاص من هذه الأساليب الدخيلة على المجتمع الإماراتي، ويمكن تكثيف حملات التوعية للجمهور في مواقع العمل والأنشطة ليتحصن ضد عمليات الاحتيال والمحتالين، وكلما زاد وعي الناس لن يجد المجرمون من يوقعونه ضحية لأساليبهم الإجرامية.
ولكن، ألا يستحق الضحية الساذج عقوبة هو أيضاً، باعتباره شريكاً في خلق الجريمة؟ فلولا طمعه، واستسهاله الرزق بلا عمل، لما كانت هناك جريمة نصب واحتيال من الأساس.
المصيبة أن هناك الكثيرين من الذين يتعرضون لعمليات احتيال ونصب وخداع، ويخفونها، ولا يبلغون الجهات الأمنية المختصة، حتى لا يتعرضوا للإحراج أمام أقربائهم، وأصدقائهم، وجيرانهم، فيساعدون بذلك على انتشار الجريمة مرتين، واحدة بالوقوع في شراك المجرمين بسهولة تثير الاستغراب والعجب، والأخرى بعدم مساعدة الجهات المختصة على القبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة، وكفّ أذاهم وشرورهم عن بقية الناس.
الضحية يجب أن يتحمل بعض المسؤولية لأنه ساعد على وقوع جريمة النصب والاحتيال بطمعه، وعدم وعيه، أما الذي يخفي الجريمة ولا يبلغ الشرطة بتفاصيلها، فإنه شريك في تعكير صفو أمن المجتمع، يجب أن ينال عقوبة مناسبة عندما تنجلي الأمور، وتظهر الحقائق.

ebnaldeera@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى