قضايا ودراسات

العنف ضدّ النساء ليس حتميّاً

فومزيلي ملامبو- نغوكا*

«يستطيع الناس- باعتبارهم مجتمعاً عالمياً- العمل معاً للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات، وتغيير النظم القانونية والعمل للقضاء على التمييز، واستعادة حقوق الإنسان وكرامته، وعدم ترك أحد متخلفاً عن الركب».
كانت الاستجابة الأولية لتدفق الوسم الرقمي «#MeToo» (أنا أيضاً) (الذي استنكر الاعتداءات والتحرشات ، وانتشر في أكتوبر/‏‏ تشرين الأول 2017)، في جميع أنحاء العالم، هي الغضب إزاء حجم ما انكشف من العدوان والعنف الجنسيّيْن. وقد بيّن لنا ملايين الناس الذين انضمّوا إلى مدّ الوسم الرقمي، ضآلة ما كانوا قد سمعوه عن ذلك من قبل. تدفقوا عبر بوابة السّدّ، ففتحوا محاورات، وفضحوا أسماء، ودعّموا هشاشة تصريحات فردية بمتانة الحركات الجماعية.
إننا نشهد كشف الوجه القبيح للعنف في الضوء: حالات إساءة استخدام السلطة التي تقمع التقارير وتنتقص الحقائق، والتي تستبعد المعارضة أو تسحقها.
تنبع الأعمال المتسلطة من الجذور ذاتها، سواء كانت تتعلق بقتل مدافِعة عن حقوق الإنسان، تتصدّى لمصالح الشركات الكبيرة في حوض الأمازون، أو لاجئة صبية تُرغم على ممارسة الفاحشة من أجل الحصول على القوت أو المؤونة، أو موظفة في شركة صغيرة في لندن تضطرّ إلى ترك وظيفتها لكونها «صعبة»، بعد إبلاغها عن سوء السلوك الجنسي من قِبل المشرف عليها في العمل. وفي كلّ من هذه الحالات، ومرّة تلوَ أخرى، تنبع أفعال الإساءة هذه، من الثقة بأنه لن يكون هنالك انتقام كبير، ولا قانون يُحتجّ به، ولا دعوة إلى المحاسبة.
إن العنف ضد النساء والفتيات ليس أمراً محتوماً. وهنالك طرق عديدة لمنع العنف في المقام الأول، ووقف تكرار دورات العنف.
ونستطيع كمجتمع، أن ندعم إقرار وإنفاذ القوانين لحماية الفتيات والنساء من زواج الأطفال، والعنف المنزلي والاعتداء الجنسي، والمضايقات، ونستطيع تحريك الرأي العام، من أجل رصد تأثير هذه الأمور وتقييمه على نحو ملائم.
ويجب أن يكون توفير الخدمات الأساسية للناجيات من العنف شاملاً، ومتعدد القطاعات، وبعيداً عن التقييم الأخلاقي، ومن نوعية جيدة، وأن يكون في متناول الجميع دون استثناء. وهذه الخدمات هي الخط الأمامي في الاستجابة لأولئك اللواتي تمزقت حياتهن.
يجب أن يبدأ منع العنف في وقت مبكر. ونظام التعليم والمعلمون أنفسهم على الخط الأمامي لتعلّم الأطفال والناس الصغار حمل مبادئ المساواة، والاحترام وعدم العنف لجيرانهم في المستقبل. ويتطلب ذلك وضع مناهج ملائمة، وسلوكاً نموذجياً يُقتدى به.
إن ما أظهره الوسم الرقمي «MeToo» بوضوح، هو أن لكل شخص دوراً يلعبه في تغيير مجتمعنا نحو الأفضل. يجب أن نجهر بالمعارضة للتحرش والعنف في بيوتنا، وأماكن عملنا، في مؤسساتنا، وبيئاتنا الاجتماعية، ومن خلال وسائل الإعلام. وقد أظهر الوسم الرقمي أيضاً، ألا أحد في مأمن.
وباعتبارنا مجتمعاً عالمياً، نستطيع العمل الآن للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات، وتغيير النظم القانونية والعمل معاً للقضاء على التمييز، واستعادة حقوق الإنسان والكرامة، وعدم ترك أحد متخلفاً عن الركب.

*وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة، والمديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة. موقع: «إنْ دِبْث نيوز».


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى