مقالات رئيس التحرير

الكتابة على الجدران والتلوث البصري

محمد سعيد القبيسي

التلوث البصري هو تشويه لأي منظر تقع عليه عين الإنسان ويشعرعند النظر إليه بعدم الارتياح، وقد يكون اختفاء بعض الصور الجمالية لبعض مايحيط بنا في هذا العالم, وبما ان الكلام في هذا المجال يطول نظرا لتوسعه وتنوع مجالاته، سنأخذ ظاهرة الكتابة على الجدران والمباني والمنشآت العامة وحتى انها وصلت الى بعض خلق الله من الحيوانات.

وتعتبرهذه الظاهرة احد اهم العوامل المسببة للتلوث البصري ليس هذا فحسب بل وصلت الى حد خدش الحياء، وهي من السلوكيات الشاذة وغير الحضارية التي تنبذُها جميع المجتمعات، وقد أخذت هذه الظاهرة بالانتشار في كل مكان فلا يكاد يخلو منزل أو مدرسة أو حتى مبنى عام إلا وقد تم تشويهه برسومات وكتبات وشعارات، و نجدها بكثافة على غرف الكهرباء المنتشرة بين الأحياء والبنايات السكنية، و دورات المياه العامة وفي المدارس وفي الفصول وحتى على الأشجار في الحدائق العامة  لم تسلم من هذه الأيادي العابثة.

فما إن تدخل إلى أحد دورات المياه العامة او في بعض مراكز التسوق وتقفل الباب حتى ترى خلفه من الكتابات المشينة والصورة البذيئة التي ملأته ولوثت هذا المرفق العام الذي وضع لخدمة أفراد المجتمع، وماذنب ابنائنا الصغار ليشاهدوا مثل هذه الصور المرسومة  والكتابات ليروها وهم لايعرفون ماهي وتطبع في مخيلتهم وذاكرتهم, بل ماهي الاجابة للاستفسار عن كلمة او رسمة شاهدوها وهم في هذا العمر؟

مؤخرا انتشرت صورة على مواقع التواصل الاجتماعي  لجمل وقد تم تشويه بكلمات واشكال فما ذنب هذا الجمل ان يفعل بها هكذا؟

camel

لقد أوضحت بعض الدراسات المتخصصة  بهذا المجال أن معظم من يقومون بهذا السلوك هم من فئة الشباب، الذين ينتمون للفئة العمرية  المتراوحة مابين 13 إلى 19 سنة، وهي تظهر عادة كنتيجة  لفراغ كبير يعاني منه معظم هؤلاء الشباب  وعدم وجود مكان يستطيعون من خلاله تفريع هذه الشحنات الزائدة، فلا يجدون متنفسا لهم غير الجدران  فيفرغون شحنتاهم فيها، وتختلف دوافع وأسباب هذه الظاهرة ، إذا يرجعها البعض إلى عوامل نفسية وانفعالية ذلك أن هذا العمل ما هو إلا محاكاة لما يجول بالنفس وتعبير عن الذات والآراء والخواطر الدفينة ،وقد يكون السبب وراء ذلك أيضاً لفت النظر أو تشويه سمعة الآخرين أو الإضرار بالمنشآت  العامة والخاصة، ويتنافى هذا العمل المشين مع المبادىء العامة ومع ديننا الحنيف، حيث يعتبر تعديا على ملكية الآخرين ، كما يعد إجباراً للآخرين على رؤية كتاباتهم رغماً عنهم.

إن هذه الظاهرة تعتبر من الظواهر السلبية و السيئة التي يجب محاربتها والقضاء عليها بتضافر جهود جميع أفراد المجتمع بمختلف مؤسساته وهيئاته بدء من الأسرة التي يجب ان توجه ابنائها وتوضح لهم مساويء هذه السلوكيات والابتعاد عنها، كما ان على المشرفين التربويين مسؤولية لا تقل أهمية عن ذلك إذ عليهم القيام بحملات توعوية دورية في أوساط الطلبة وتوعيتهم بخطورة هذا السلوك، كما يجب استغلال وسائل مثل الإذاعة المدرسية والإعلانات الحائطية والمطويات من أجل شرح هذ السلوك وضرورة تجنبه والبعد عنه ، وتحويل هذه الطاقات السلبية الى طاقات ايجابية عبرإكساب الطلاب بعض المهارات من خلال مشاركتهم في جماعات النشاط الطلابي مثل تحسين الخطوط والرسم والأشغال اليدوية والمهنية وغيرها من النشاطات المدرسية الاخرى.

وكذلك يجب غرس  مفهوم المواطنة لدى الطالب وضرورة الحفاظ على منشآت الوطن ، والقيام  بدور يعمل فى تحسين البيئة المحيطة  بمشاركة الطلاب  في توعية المجتمع والعمل على اعادة طلاء المباني المشوهة بهذه الرسومات اسهاما منهم في خدمة المجتمع.

وفي النهاية اقترح بان يتم عمل مسابقة لكل مناسبة وطنية لرسم جداريات معبرة عن المعاني الوطنية السامية ووضعها في شوارعنا والميادين العامة لتزينها ولتعطينا الدروس والعبر من خلال الفن والابداع لهؤلاء الشباب.

زر الذهاب إلى الأعلى