قضايا ودراسات

الهجرة لازمت كل تاريخ البشرية

ميروسلاف لايتشاك*

في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، ألقى ميروسلاف لايتشاك، وزير خارجية سلوفاكيا والرئيس الحالي للجمعية العامة للأمم المتحدة، كلمة أمام الجلسة 108 للمنظمة الدولية للهجرة، وكانت بعنوان: لم نعش أبداً في عالم من دون هجرة.
قال لايتشاك: الهجرة هي جزء من إنسانيتنا، ولن يكون من الممكن جعلها تختفي، كما أننا يجب ألاَّ نحاول ذلك. فهي أغنت مجتمعاتنا، وأتاحت للكتاب والفنانين والموسيقيين وغيرهم، تطوير معارفهم وفنونهم. والهجرة شهدت علماء وباحثين يستكشفون آفاقاً جديدة، ويتبادلون الأفكار حول الاكتشافات والإبداعات، وهي أغنت وأثّرت في الثقافات واللغات، وحتى في فنون الطبخ.
وكوكبنا أصبح اليوم وطناً لأعداد أكبر بكثير من البشر، وهذا يجعل من المحتمل أكثر أن يتنقل هؤلاء البشر ويهاجرون عبر العالم. وفي الواقع، هناك الآن 244 مليون مهاجر دولي في العالم. وهناك تطور آخر أثر في اتجاهات الهجرة، هو التكنولوجيا؛ إذ إن تكنولوجيا المعلوماتية والاتصالات تغير كل جانب من عملية الهجرة، من القرار بالانتقال إلى مكان آخر، وحتى الحياة في مجتمع جديد.
وما نسعى بكل جهد حالياً من أجل التعامل معه، هو كيف نتفاعل ونتكيف مع هذه الاتجاهات الجديدة. وقد قمنا ببعض الأعمال الجيدة، ولكننا بحاجة إلى أن نعمل بشكل أفضل.
وحول هذه المسألة، أودّ أن أعرض أربع نقاط:
1- حققنا حتى الآن إنجازاً كبيراً، هو تبنّي مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، إعلان نيويورك حول اللاجئين والمهاجرين في 2016.
وكانت تلك خطوة أولى وكبرى نحو القيام بعمل دولي للتعامل مع الطبيعة المتغيرة للهجرة. وكانت أيضاً أول خطوة فعلية نحو إطار عالمي نحن في أمسّ الحاجة إليه، وسبب ذلك هو أن الهجرة تطال كل شيء؛ إذ إن رحلة مهاجر دولي تتم عبر حدود وطنية. وكل بلد، وكل جماعة، وكل شخص اختبروا الهجرة بطريقة أو أخرى. الهجرة هي حقاً ظاهرة عالمية. ونحن لدينا هيئة تتعامل مع هذه الظاهرة العالمية: الأمم المتحدة؛ ولهذا كان مما يخالف المنطق أننا كنا نحاول التعامل مع الهجرة بصورة إفرادية على المستوى الوطني من دون إطار يوجه تعاوننا الدولي؛ ولهذا اتفقنا جميعاً العام الماضي على أن نوحد جهودنا ونتخلى عن نهجنا الإفرادي السابق في التعامل مع الهجرة، وهذا هو السبب لتبنّي إعلان نيويورك.
2- المسألة الثانية هي ضرورة أن نفعل المزيد ونقوم بعمل فعلي.
لقد كان إعلان نيويورك إنجازاً كبيراً، ولكنه لا يزال غير كافٍ، والطموحات يجب أن تصبح أعمالاً، والوعود يجب أن تصبح وقائع، والالتزامات يجب أن تصبح نتائج.
ويتعين علينا أن نجد مسارات للهجرة النظامية، وأن نتصدى لأسباب الهجرة غير النظامية. ويتعيّن علينا أيضاً أن نلبي الاحتياجات الخاصة للمهاجرين، الذين يجدون أنفسهم في أوضاع غير طبيعية ومحفوفة بمخاطر، ويتعيّن علينا أن نوقف كره الأجانب، وأن ننشر ثقافة التسامح والاندماج.
3- مهمتنا ليست سهلة. ولهذا السبب لا يمكن لأي بلد أن يتصرف من طرف واحد. لا بد من عقد شراكات.
وتعاملنا مع ظاهرة الهجرة يقتضي منا التنسيق، ليس فقط بين حكومات الدول، وإنما أيضاً مع مجموعة كبيرة من الشركاء على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية.
4- أودّ أن أشدد على أن المنظمة الدولية للهجرة، يجب أن تكون أحد أهم الشركاء. وقرار عام 2016 بدمج منظمة الهجرة الدولية في نظام الأمم المتحدة كان خطوة مهمة؛ إذ أتاح للمنظمة أن توظف تجربتها وخبرتها، من أجل تعزيز قدرة الأمم المتحدة على مساعدة وحماية المهاجرين، ودعم الدول في التعامل مع الهجرة.
ومنظمة الهجرة الدولية هي في موقع ممتاز، يمكنها من دعم جهود الأمم المتحدة في التعامل مع الهجرة الدولية.
أود أن أنهي كلمتي بالاعتراف بأن المهمة التي تنتظرنا ليست سهلة؛ فهناك تحديات تواجهنا، ولكن يجب علينا أن نثابر ونستمر في مهمتنا.
الهجرة ظاهرة دولية، والظاهرة الدولية تتطلب رداً عالمياً في إطار عالمي، والأمم المتحدة قادرة على الاضطلاع بهذه المهمة.

*دبلوماسي سلوفاكي
موقع وكالة إنتر برس سرفيس (آي بي أس)


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى