مقالات عامة

بوح متقاعدة..

بعد أن منّ الله عليّ بالتقاعد، بعد مضي سنين، ،، منها العجاف ومنها الرخاء،

تعددت المدارس والمديرات والزميلآت،
خَرّجت أجيالاً من الطالبات،
انتهت ملاحقة رضى مديرتي،
واللهث قبل الخط الأحمر،
والصراع عند توزيع النصاب
جلسات القهوة والإفطار انتهت بوقتها
بحلوها ومرها
تَغيُّر الأجيال الأخيرة، والمعاناة في التعامل معهن،
سواء من الطالبات، أو من طاقم التدريس حديثات التعيين،
كل ذاك انتهى،،،
فلا مرارة التعب استشعرها الآن،
ولاحلاوة اللحظات الجميلة اتذوقها،،

لكن ما الذي بقي؟ ‼️
سأحدثكم ببوح،
ولأول مره أفصح عنه، لعله بادرة خير
لمن يقرأ كلماتي، فيُطبق شيئاً منها يكن في ميزانه وميزاني يوم القيامة.

إذا أراد الله لك الخير؛ ساق إليك أناساً مفاتيح للخير ..
ففي العشر السنوات الأولى من تدريسي انتقلت إلينا معلمة عليها سمات الصلاح، نحسبها كذلك.
وفي إحدى الأيام
بادرتني :
هل لديكم طالبات يتيمات؟
او أباؤهن في السجون؟
كم الخالات الكبيرات في المدرسة؟
قلت : ثلاث
وفيه رابعة مسؤولة عن أطفال المعلمات كحاضنة..

قالت :تعرفين عن ظروفهن شيئاً؟
قلت :لا والله
أول مرة أحد يسألني عنهن!
قالت :
لا يا أخيّتي
اليتيمات تتكسر قلوبهن بصمت ?
وفيهن أجر عظيم،
وكذلك الخالات،
متعففات يكدحن من أجل لقمة عيش على بيوت مليانة بصغار وكبار.

حدثتني حديثاً يطول عن الصدقة،
وعن أفكار لكيفية تقديم المال دون كسر لقلوبهن،
والاستقطاع للجمعيات الخيرية فيه خير، لكن هؤلاء بيننا متعففات هنّ أولى، وفي كلّ خير.

ومن يومها
الطالبة اليتيمة أتقصد تكريمها بأي شيء،
لو مسابقة وقت حصة الانتطار
والهدايا مبالغ مالية بظروف صغيرة
ريالين.. خمسة..عشرة.. خمسين.. وهكذا

وأتقصد يكون نصيبها المبلغ الأعلى ..
أو رصيد مدفوع بالمقصف لمدة شهر تشتري بريالين ..
والعاملات بدأت أهتم بهن
اتقرب لهن،
أسمع شكواهن
أتلمس حاجاتهن،
أحياناً أكون وسيطة خير فقط.

من بعد كلام زميلتي
استقطعت من راتبي كل شهر مبلغاً لهن،
على حسب ظروفي المادية،
خلال السنوات،
باختلاف المدارس
فالسنة التي يكون عليّ فيها التزامات وقروض أقلل الاستقطاع،
وإذا كانت ظروفي طيبة
زودت الاستقطاع،
ويشمل البوّاب معهن..
من غير حوالة.. تسليم كاش ?

ووالله إني رأيت البركة في مالي وذريتي،
ورأيت تياسير دروبي،
لم تعاسرني مديرة يوماً،
أو أتشاكس مع معلمة،
أو أتنرفز من طالبة،
ووالله لا أراه إلا.. أثر الصدقة العاجل،
لاحرمني ربي فضله وأجره.

والآن..
بعد تقاعدي
لا طعم أاستطعمه على الأيام الخوالي
غير أني
أتلذذ كلما تذكرت ملامح الفرح على صغيرتي اليتيمة، عندما أكافئها،
وكلما تذكرت أني فرجت عن مسلمة متعففة
ولو بشيء قليل.

هذا ما أردت بوحه في أذن كل معلمة وموظفة، ( وكل معلم وموظف )..

تذكري الجنة
اتركي أثراً
ضعي بصمتك
كوني قدوة
لا تحقري مثقال ذرة من عمل صالح
ابذلي مالاً
صيري أماً

وتذكري..
” ما نقص مال من صدقة، بل تزده، بل تزده “.
كما قال حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم..
ولك ملك يدعو لك
(اللهم أعط منفقاً خلفاً)

التوقيع /
متقاعدة

(جديرة بالنشر بين
المعلمين والمعلمات
والموظفين والموظفات)
???

زر الذهاب إلى الأعلى