قضايا ودراسات

تطوير ملائم.. ويشبهنا

ابن الديرة

تطوير المؤسسات هاجس طبيعي لدى المؤسسات والأفراد الذين يقومون عليها، ويفترض أن تكون عملية التطوير طبيعية ومتاحة بحكم الأنظمة المعتمدة والأطر الحاكمة. التطوير الطبيعي التدريجي عبر الزمن، والتطوير القطاعي، فربما جد مستجد لزم معه تطوير هذا القطاع أو ذاك، وربما أقرت مؤسسة وطنية خطة تطوير شاملة بدءاً من هياكلها التنظيمية، فما هي الوسيلة وكيف؟
هناك تاريخ التجربة الذي ينبغي الوقوف عنده طويلاً وتأمله ملياً، ومع أن هذه خطوة أولية واجبة بحكم العقل والمنطق وترتيب الأمور، إلا أن المؤسسات، في الأغلب الأعم، تغفل عن ذلك وتتجاوزه وكأنه لا تاريخ، أو كأنها تبدأ الآن مفترضة أن هذه نقطة الصفر. هذا النوع من القطيعة مع الماضي ينبئ عن خلل كبير في التفكير ويؤدي إلى خلل أكبر في الشكل والمضمون، وفي التفكير والوظيفة.
تزيد الحالة، وهي مرضية على حال (من المرض وليس الرضا) كلما استعانت مؤسساتنا الوطنية في القطاعين الحكومي والخاص بمكاتب خبرة أجنبية. ينبغي أن يكون اللجوء إلى هذه المكاتب بحساب، وليس كيفما اتفق، وبوعي حقيقي، وليس تلبية عمياء لما يسمى «عقدة الخواجة»، خصوصاً حين تكون الاستعانة بمكاتب الخبرة الأجنبية مكلفة جداً بل خيالية التكلفة وتلجأ إليها مؤسسات ترفع، بمناسبة ومن دون مناسبة، شعار الترشيد، وخصوصاً حين لا تعترف هذه المكاتب بالتوطين أو بضرورة الاستعانة الفعلية وليست الصورية بوجود خبراء مواطنين يمكن الاستعانة بهم بل توظيفهم في مكاتب الخبرة ذاتها، فهم أكثر تعليماً وتأهيلاً وخبرة ومعرفة بشؤون البلد. الخطوة اللازمة بالتزامن سعي الخبراء المواطنين إلى إطلاق مكاتب خبرة خاصة بهم.
ليست جملة اعتراضية وقد طالت. نحن في صميم الموضوع ولَم نبتعد عنه، فنعم لتطوير لا يشط في مبالغة الاستعانة العمياء بمرئيات الخبراء الأجانب ومكاتب الخبرة الأجنبية.
بعد نحو خمسين سنة من النهضة والتنمية والتقدم لدينا في الإمارات ما نحتكم إليه من أسس ومعايير نحو الانطلاق إلى أفق أبعد من النجاح والتميز، ونريد تطويراً ملائماً ويشبه طموحنا.
ونريد إشراك جامعاتنا الوطنية ومراكز أبحاثنا في عملية التطوير، ولا نريد لعقدة «الخواجة»، وهي حاضرة قطعاً بشكل يكثر أو يقل، أن تحول بيننا وبين خبرات وطنية ربما حجبتها جدران مراكز الأبحاث والجامعات، مع التذكير بما هو بدهي: الدور هنا مجتمعي ووطني وعام بامتياز.
ونريد تطويراً مواكباً وعارفاً وبصيراً وفي محله، فكفانا تجريباً، وكفانا تطويراً في بعض القطاعات مما يبقي في المكان نفسه، وأبعد من ذلك مما يعيد إلى الخلف.
بقيت نقطة واحدة: تستعين بعض الدوائر بخبراء بين قوسين مقبلين من بلاد متخلفة في القطاعات المستهدفة، ولا شك في أن النتيجة الفشل، والفشل الذريع، فببساطة شديدة، فاقد الشيء لا يعطيه.

ebnaldeera@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى