مقالات رئيس التحرير

ثورة الشعوب

محمد سعيد القبيسي

منذ بداية الاحتجاجات والانتفاضة الكبيرة للشعبين التونسي والمصري والإطاحة بنظام الحكم سواءا في مصر أوتونس، لازلنا نرى هذا القطار يمشي وقد توقف منذ أيام في ليبيا انتظارا للقذافي والذي يعد من أقدم الحكام العرب ليذهب بعدها إلى اليمن ومن ثم إلى وجهة لا يعلمها إلا الله.

ولكن السؤال هنا هل ماحدث في تلك البلدان يسمى بالثورة؟
الثورة هي قيام شخص قوي يسمى بالقائد ويعمل على توحيد الجماهير أو الشعب خلف نظام أو برنامج يعدهمم بالتغيير وتحسين أوضاعهم.

وتبدأ الجماهير بتوحيد الصفوف والتجمع حول هذا القائد، وتفويضه ليقوم بدور النيابة عن الجماهير التي اتحدت خلفه.

بعدها يقوم القائد بالثورة على النظام مستغلا جميع الأدوات المتاحة للإطاحة بالنظام وتولي دفة القيادة للبلد.

ولكن ماحدث في تونس ومصر نظام ثوري جديد سيشهد له التاريخ على مر العصور حيث إن الشعب كان هو القائد للثورة وليس شخصا واحدا، وكان يمثل نفسه ولا يتبع أي جهة، سواءا دينية أو سياسية أو عسكرية.

رغم رجوع الكثير من المعارضين سواء في تونس أو مصر، إلا أن الشعب لم يسمح لهم أن يكونوا قوادا لهذه الثورة.

حيث إن تلك الشعوب أصبحت كالجسم الواحد، وكانت آمالها واحدة، وشعاراتها واحدة متمثلة بالإطاحة بالنظام وتحسين المستوى المعيشي لهم.

وكانت تلك الثورة من الثورات السلمية للشعوب، إلا أن خوف حكام تلك الأنظمة دفع بهم لاستخدام القوة المفرطة لردع تلك المسيرات الثورية لحماية أنظمتهم.

مات وجرح الكثيرون في تلك المواجهات، ولكن لكل شيء ثمن، وقد دفع هؤلاء الشباب أرواحهم ودماءهم ثمنا للحرية.

وعندما عجزت تلك القوات عن ردع المحتجين تمت الاستعانة بالجيش، ولكن هل أسس الجيش ليحارب مواطنيه؟
رفضت قوات الجيش في البلدين التصدي للشعب، وفضلت البقاء لحماية ماتبقى من ممتلكات البلد.

وبالفعل استجاب القدر لمطالب تلك الشعوب التي أبت أن تتراجع قبل أن تنفذ مطالبهم، وتمت الإطاحة بتلك الأنظمة التي استغلت نفوذها في خدمة مصالحها ونست أو تناست تلك الشعوب التي تنظر إليها في كل يوم جديد عسى أن ترى أي تغيير أو تحسن.

ولقد رأينا تلك الشرارة التي أشعلها الشاب الجامعي بائع الخضار حين رفضت الحكومة توفير فرصة عمل له تتناسب مع مستواه التعليمي، فاضطر إلى بيع الخضار ولكنه فوجيء أيضا بالمنع من مزاولة تلك المهنة ليحصل على قوت يومه، فأحرق نفسه احتجاجا وكانت تلك النار التي أطاحت بنظامين ولازالت مشتعلة.

لقد جاءت تلك الثورة الشعبية في غمرة سكرة العز والرفاهية للنظامين، وحين أفاقوا كان الأوان قد فات لتدارك الأمر لعمل الاصلاحات والتغييرات وتنفيذ الوعود والمطالب الشعبية.
إن الشعوب لاتريد سوى مستوى معيشي يليق بالإنسان وتوفير الأنظمة الصحية والتعليمية لهم، وفرص العملل للشباب لتسير دورة الحياة الطبيعية لهذه الشعوب،
إن ثورة العز والكرامة لن تنتهي عند تونس ومصر، وقطار الثورة لن يقف حتى تتحقق مطالب الشعوب في العيشش بكرامة.

نشرت على العربية نت

زر الذهاب إلى الأعلى