قضايا ودراسات

حسن شريف «مجموعة إنسان»

للأسف، هناك «وثيقة» ومن الممكن أن تسمى وثيقة بالمعنى المعلوماتي التاريخي حول الفنان التشكيلي الراحل حسن شريف، لم يتم الانتباه إليها في الإعلام الإماراتي عرضاً أو قراءة أو متابعة، والوثيقة تتمثل في كتاب وداعي، احتفائي، ببيوغرافي، توثيقي يغطي جانباً مهماً من تجربة حسن شريف ومشروعه الفني الذي بات مشروعاً عالمياً، وذلك بدخول لوحته أو عمله الفني (المفاهيمي) اليدوي، الأرضي (المطروح على الأرض) أو (المعلق) أو (المكوم) بدءاً من الخيوط والأسلاك والكراتين (الرصيفية المهملة) مروراً بالقماش، وليس انتهاء بمواد شعبية، هامشية، منسية أو ليست ذات بال.. نقول بدخول كل هذه (الممتلكات والمتعلقات) بدلالاتها الفكرية والفلسفية إلى أكبر متاحف العالم في فرنسا وإيطاليا وأمريكا وألمانيا.
حسن شريف فنان عالمي أوصل الجماليات البصرية التشكيلية في الإمارات وعلى مستوى الخليج العربي، بل، على مستوى العالم العربي إلى العالمية من بوابة الفكر والوعي الثقافي والفني أولاً، فهو كان ينطوي على فيلسوف، ساخر، ومتهكم إلا أن تهكمه أو سخريته من الطفولة في الكائن الصغير والكائن الكبير، كما كان يحمل في داخله طبيعة شاعر شغوف دائماً بينابيع الروح والإنسان الفطري غير الملوث بالحداثة المادية والعقل المادي، وفي الوقت نفسه كان يرفض، حدّ الغضب (الهادئ) أن يوصف بفيلسوف أو شاعر.
كان حسن شريف يقرأ قراءة حية حيوية ومهنية بثلاث لغات: العربية، الانجليزية، الفارسية، وعنده ميل سيكولوجي أصيل إلى الموسيقى، ويشعر بكينونته القصوى والنائية والتي لا يدل عليها أي أحد ببساطة وذلك عندما يقرأ الشعر.
هذه الانطباعات، وغيرها، أو ما يشبهها وأكثر أهمية من ذلك موجودة ببنية جمالية رائعة في (الكتاب – الوثيقة) الذي أشرت إليه قبل قليل.
فقط، غلاف ينوس أو يتموج برفق وهدوء عظيم بين الأسود الخفيف والرمادي الأكثر خفة.. أما العنوان فهو (حسن شريف) من دون أي شروحات أو عناوين. وحتى وجهه الذي ظهر على نحو جانبي على الغلاف يكاد لا يرى.. بل هو في حياته، كان يودّ ألا يراه أحد إلا أصدقاؤه، وأطفال أصدقائه.. وأعماله التي تركها الآن بعد غيابه كي تتعتق أكثر من أي وقت مضى.
بذل الشاعر والإعلامي والروائي عادل خزام صديق حسن شريف، والحارس الآخر للشعر والموسيقى بروحه البيضاء جهداً عالياً في صياغة وتدبير هذه «الوثيقة الكتاب) حول صانع الكعك الذي صار فيلسوفاً فنياً كما قال عادل خزام الذي أعد وحرر (الكتاب – الوثيقة)، ولكن خارج الإعداد والتحرير المهني الوظيفي.. وضع عادل روحه في الكتاب برفق وحنين لا يعرفهما إلا القديسون، وأصحاب الرؤى القلبانية الباهرة.
تحمل (الوثيقة) كثيراً من السيرة وكثيراً من بوح الأصدقاء سواء في كتابات أو في حوارات محورها حسن شريف الذي لشدة صدقه مع نفسه لا تجد عنده جملة صغيرة واحدة متناقضة مع تركيبته الفكرية والثقافية.. فهو (كل واحد).. بل، هو بكلمة ثانية (مجموعة إنسان) فيه فنان، ومتقشف، ومثقف، وعفوي، ونبيل، وصديق، وأكثر من ذلك… يعاقب القبح والكذب والكراهية بالفن والمزيد من السخرية.
هل تستحق هذه (الوثيقة) جلسة نقاش في ساعة واحدة على الأقل..في إحدى المؤسسات الثقافية المحلية؟؟
يوسف أبولوز
y.abulouz@gmail.comOriginal Article

زر الذهاب إلى الأعلى