قضايا ودراسات

حواريّة المعادل العلمي للمفردات

عبداللطيف الزبيدي

قال القلم : دعني أسألك، ولك ألاّ تجيب حتى لا تخجل من الجواب: لماذا لا نرى لدى المسلمين العرب بالذات، جوانب علمية عملية ملموسة، تدعم كثرة الحديث عن التعلق بالإيمان والدين، بينما الاستدلال على العكس أسهل بألف برهان؟ قلت: ويحك، ألا تسمع هدير 1.5 مليار يكبّرون خمس مرات يومياً، عدا مليارات التسبيح والأذكار والبسملات والحوقلات والدعوات الصالحات للأحياء والأموات؟
قال: أعني أن القرآن الكريم مفعم بالمفردات الأساسية البنيوية التي علينا إخراجها من مدلولاتها القاموسية القديمة، ونقلها من المستوى اللغوي إلى المعادل العلمي. مثلا: ترددت عبارة «خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ» في ثلاث سور (النساء، الأعراف، الزمر)، ونحن نعرف أن الكون والحياة رياضيات، فيزياء، كيمياء وأحياء، فهل سنكون مغيبين إلى حد البحث عن معنى النفس عند ابن منظور والجوهري والفيروزآبادي؟ أوَليس على العلماء المسلمين أن يبحثوا عن المعادل العلمي للنفس؟ لقد جاء الأمر بصيغة الأمر في الكتاب: «قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ » (العنكبوت 20)، لتعرفوا كيف «خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ». تكملة آية «العنكبوت»: «ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ». السير في الأرض هنا ليس جولة نزهة، إنه قرون من البناء العلمي والاكتشافات،حتى لا يستوي تقدم الذين يعلمون، وتخلف الذين لا يعلمون، ويوهمون الناس بأن التردي الحضاري يتوافق مع تعاليم الإسلام.
قلت: تعالى الله على أن يأتي بالإنسان بعد 13.7 مليار سنة من الخلق والتوسع الكوني، ثم يأمره بتعطيل وظائف الإدراك العقلي والبحث العلمي في دماغه. لو كان ذلك ممكناً، لماذا إذاً السؤال القرآني المتكرر: أفلا يعقلون، يتفكرون، يتدبرون..؟ قال: أهم محور في مبحث الخلق في القرآن، هو أن خلق السماوات والأرض لا يُستثنى منه الإنسان، وكل المخلوقات الحية «أُمَمٌ أَمْثَالُكُم» أي بينكم وبينها عروة وثقى في الخلق والإنشاء، أي أنتم والكائنات جميعاً، الحية وغير الحية تسلسل طبيعي لخلق السماوات والأرض.
لزوم ما يلزم: النتيجة التوضيحية: الخطأ هو البحث عن مدى مطابقة القرآن لجديد العلم. الصواب هو الاستعانة بجديد العلوم لتنويع طرائق الفهم.

abuzzabaed@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى