قضايا ودراسات

خطة لإطاحة تيريزا

صادق ناشر

تواجه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، حملة من داخل حزب المحافظين، الذي ترأسه، لإطاحتها من منصبها، إذ يثار منذ أسابيع جدل حول دورها في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وقدرتها على تشجيع البريطانيين على التكيف مع هذا الخروج، الذي يبدو أنه سيكلفهم كثيراً.
وقد انتقلت المراهنات على دور ماي من الشارع البريطاني إلى حزبها، بعد انتقادات حادة وجهت إلى خطتها للخروج من الاتحاد الأوروبي، ما يشجع كثيراً من أعضاء الحزب على اتخاذ إجراءات لإجبارها على التنحي عن منصب رئيس الوزراء، حتى إن شعارات بدأت ترفع من قبل بعض الأعضاء من بينها «يجب أن ترحل»، و«إنها كارثة»، وهو دليل على أن العلاقة بين رئيسة الوزراء وأعضاء حزبها صارت على درجة كبيرة من التوتر.
في الصدام الجاري بين ماي وعدد من أعضاء حزبها يجري الحديث عن غياب رؤية لدى رئيسة الوزراء في معالجة أزمة الخروج من الاتحاد الأوروبي، لدرجة أن وزير الخارجية المستقيل بوريس جونسون وصف خطة أو رؤية ماي ل«بريكست» بأنها بمثابة «حزام ناسف»، وهو يشير في ذلك إلى أن الخطة يمكن أن تفجر خلافات داخل المجتمع البريطاني.
لم تكن هذه المرة الأولى التي تواجه فيه ماي، أزمة الاحتفاظ بمنصبها؛ فقد سبق قبل أشهر أن تقدم العشرات من أعضاء حزب المحافظين بطلبات تعكس رغبتهم في تنحيها عن رئاسة الحزب والوزراء بعد إخفاقها في إدارة الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالبلاد، خاصة ما يتصل بعلاقتها بأوروبا.
لقد واجهت تيريزا ماي، الكثير من العوائق في طريق تطبيقها للخطة التي قدمتها لتحسين أوضاع البلاد على وقع نتائج الاستفتاء، ورغم أن سياسة حزب المحافظين لم تتغير كثيراً في المرحلة التي لحقت الاستفتاء ومن ثم الانتخابات التي أفضت إلى تشكيل حكومة برئاسة المحافظين، رغم خسارة الحزب للكثير من المقاعد، إلاّ أن الأخطاء التي وقعت فيها الحكومة والاستقالات التي قدمها عدد من أعضائها مؤخراً، أضرت بالحكومة وبالحزب، إضافة إلى ذلك بدت المفاوضات التي تجريها بريطانيا من أجل الخروج من الاتحاد الأوروبي غير مريحة، خاصة أن القرار لم يعد في يد حزب بمفرده، بل صار في يد حكومة ائتلافية، ومن شأن هذا أن يعيق معالجة الملفات العالقة في هذه القضية.
من المهم الإشارة إلى أن رئاسة ماي لحزب المحافظين، كانت مليئة بالتحديات، إذ إن ذلك جاء بعد الانقسام الذي أحدثته عملية الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، خاصة أن نسبة المصوّتين على الخروج لم تكن كبيرة، ما شكل صعوبة في مواجهة تداعيات الخروج، فمن الواضح أنه حتى داخل معسكر المطالبين بالخروج من الاتحاد الأوروبي، هناك من بدأ يعيد النظر في قضية الخروج من الاتحاد الأوروبي.
بعد موقف عدد من أعضاء حزبها من خطتها للخروج من الاتحاد الأوروبي، ستكون ماي مجبرة على إيضاح رؤيتها حيال الخروج وتداعياته، وإذا ما أخفقت في تقديم الإجابة عن أسئلة الشارع البريطاني، فإنها ستدفع ثمن ذلك من منصبها الرسمي والحزبي.

Sadeqnasher8@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى