قضايا ودراسات

سردية حسن شريف

يوسف أبولوز

المعرض الاستعادي للفنان حسن شريف الذي تنظمه مؤسسة الشارقة للفنون، ويُفتتح في 4 نوفمبر/‏ تشرين الثاني المقبل، ويستمر حتى 3 فبراير/‏ شباط 2018، في أروقة ومباني المؤسسة في المريجة وبيت السركال وساحة الفنون في الشارقة.. تكريم لحسن شريف، ومناسبة لإعادة قراءة ومراجعة تجربته الفنية المفاهيمية وهويته الإبداعية القائمة على التكرار ثم التكرار نحو تعميق ثقافة وفكر وفلسفة حسن شريف في الفن والحياة والمعنى والرؤية والتأمل في ما هو بسيط ويومي وشعبي ثم تحويله إلى مادة بصرية فكرية بالدرجة الأولى.
حسن شريف هو رسام كاريكاتور مبكر، وهو رسام لوحة لونية زيتية قائمة على ثقافة فنية عالية، وهو تركيبي نابغة في التعامل مع المادة اليومية المتاحة ببساطة ، وهو تجميعي قياسي «موسيقي» في إدارته الفكرية والفلسفية للعمل الفني، وفي داخله حرفي إلى جانب ذلك الصانع الذي يفكر بيديه، وهو أيضاً قارئ هادئ اختياري تماماً بثلاث لغات: العربية، والإنجليزية، والفارسية، وهو عاشق كبير للحياة والفن والأصدقاء، وكل هذا التكوين الفني والشخصي والإنساني والحياتي هو حسن شريف الذي استوعب منذ أوائل ثمانينات القرن العشرين المعنى الفلسفي الفكري للفن ليعرف قصة اللون من داخله، ويعرف قصة اللوحة المعلقة من داخلها، ويعرف أكثر ثقافة اللوحة وثقافة اللون.. وحتى ثقافة المشاهد البصري نفسه وحاجة هذا المشاهد إلى التكرار..
حسن شريف الذي كان البعض ينظر إلى أعماله باستغراب يصل أحياناً إلى عدم التقبل هو اليوم فنان عالمي حاضر أبداً في غيابه. أعماله الفنية التي كان يشتغل عليها بمواظبة وصبر وتكرار ودقة حرفية موزونة هي اليوم أعمال عالمية، غزيرة، كنزية، ثمينة، فلسفية، اجتماعية، حياتية كانت الشارقة بيئتها المرحبة وبيئتها الدافعة إلى تعزيز ثقة الفنان بما يفعله يومياً، وبما ينتجه يومياً .
الشيخة حور بنت سلطان القاسمي رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون، وهي الأدرى بروح العمل الفني وثقافته الفكرية والجمالية والفلسفية وصفت حسن شريف بكونه «إحدى دعائم الحداثة والمعاصرة فنياً وفكرياً في دولة الإمارات، وخاصة إمارة الشارقة التي شهدت أول معارضه..»، وهي رؤية نقدية علمية من جانب فنانة ومثقفة متخصصة في مجالها الجمالي الفلسفي، ذلك أن حسن شريف كان دائماً وأبداً في قلب التحولات الحداثية المعاصرة في الفن التشكيلي منذ أن أنشأ وأشرف على مرسم المريجة في العام 1984 ليربي جيلاً من الفنانين الإماراتيين الذين صوبوا بوصلة التشكيل المحلي إلى العالم بحرفية وتنوع .
أعتز أنني واكبت تجربة حسن شريف إبداعاً وصداقة منذ أواسط ثمانينات القرن العشرين وحتى رحيله المفجع المباغت، وكانت، وستبقى سرديته التكرارية المعلقة والأرضية والجدارية والروحية نفساً نقياً في رئة الفن التشكيلي في الإمارات، والمنطقة، والعالم، وأعتز أيضاً أنني وجه أحد بورتريهاته النابضة بالحياة.

y.abulouz@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى