قضايا ودراسات

صراع على السلطة في زيمبابوي

تومي أولاديبو*

قال جيش زيمبابوي إن تحركه الأخير ليس انقلاباً ولا سيطرة على السلطة. ولا يزال الجيش يشير إلى «الرئيس» روبيرت موغابي باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة. ولكن عملياً، لم يعد موغابي يمارس السلطة منذ لحظة تحرك الجيش.
ما يحدث في زيمبابوي ليس انقلاباً عسكرياً بالاسم، لكن يبدو أن هذا ما حدث على أرض الواقع؛ حيث انتشر الجيش في مواقع السلطة الحساسة، ودخل القصر الرئاسي. وكل ذلك يشير إلى حدوث انقلاب فعلي.
ولكن هناك شيء واحد لم يحدث، هو تعليق الدستور. وهذا مرتبط بإجماع الدول الإفريقية على رفض السيطرة بالقوة على السلطة.
وفي زيمبابوي، لم يظهر الجيش أي نية لممارسة السلطة. ولكن هناك سياسي واحد يفضل ذلك، هو أيميرسون منانغاوا، نائب الرئيس الذي أقاله موغابي حديثاً، الذي يحظى بتقدير وتأييد كبيرين في الأوساط العسكرية في البلاد.
ومنانغاوا هو من أبطال ثورة التحرر من الاستعمار واستقلال زيمبابوي، وهو الذي أشرف في 1980 على تحويل قوات الثورة إلى الجيش الوطني. وهو كان يعتبر دائماً الخلف الطبيعي لموغابي. ولكن موغابي أقاله قبل أسبوع من تحرك الجيش، وذلك رضوخاً لضغط زوجته غريس موغابي، التي تغذي طموحات سياسية وتتطلع إلى تولي الرئاسة، لكنها لا تحظى بدعم داخل الجيش، الذي يكن كل التقدير والاحترام لزعماء الثورة ضد الاستعمار. وكبار قادة الجيش هم أنفسهم ثوار قدماء ورفاق لموغابي، وقد دعموا حكمه على مدى عقود، في حين أن موغابي دعم مصالحهم وعززها. وسبق أن دعموا موغابي في 2014، عندما أقال نائبته آنذاك جويس موجورو في إطار صراع على السلطة. وموجورو هي أيضاً مقاتلة سابقة من أجل الاستقلال.
ولكن هذه المرة، هناك شعور يسود في البلاد بأن الرئيس موغابي ربما تجاوز الحدود بإبعاده قادة كباراً شاركوا في تحقيق الاستقلال. وقبل أسبوع من تحرك الجيش، وجه قائد الجيش الجنرال كونستانتينو شيونغا تحذيراً إلى الحزب الحاكم (بزعامة موغابي) لكي يوقف حملة تطهير تستهدف قدماء قادة الثورة.
وبالنسبة لنائب الرئيس السابق منانغاوا، الذي لجأ إلى جنوب إفريقيا مباشرة عقب إقالته، فقد تعهد عقب تحرك الجيش بالعودة لكي يساهم في ضمان استعادة الحزب الحاكم السلطة من موغابي. وهذا يشير إلى أنه يحظى بدعم الجيش. ولهذا فإن الخطوة التالية المتوقعة في زيمبابوي هي عودة منانغاوا لكي يشارك في مؤتمر الحزب الحاكم المقرر في ديسمبر/كانون الأول؛ حيث من الممكن أن يثبت مركزه كخلف للرئيس موغابي.
وفي جميع الأحوال، الجيش لا يريد أن يرغم موغابي على الاستقالة، لأن قادة الجيش لا يريدون إذلاله، بسبب تاريخه في النضال ضد الاستعمار، حين كانوا مساعدين أو مستشارين له.
والآن، هناك صراع على السلطة من أجل خلافة موغابي. وأبطال هذا الصراع أربعة، أولهم طبعاً موغابي نفسه، الذي لا يريد التخلي عن السلطة برغم سنواته ال 93. ويبدو أنه يعتمد على سلطة الاتحاد الإفريقي، الذي يعارض السيطرة بالقوة على السلطة.
والشخصية الرئيسية الثانية في الصراع على السلطة هي غريس موغابي (تصغر زوجها بأكثر من 40 سنة)، التي أصبحت في السنوات القليلة الماضية أقوى شخصية سياسية في البلاد. وبينما يطلق عليها أنصارها لقب «الأم»، فإن خصومها يتهمونها بإساءة استخدام السلطة من أجل كسب النفوذ وجمع ثروة طائلة.
والشخصية الثالثة في هذا الصراع هو بطبيعة الحال نائب الرئيس المقال إيميرسون منانغاوا، الذي كان يعتبر في السنوات الماضية الخلف الطبيعي لموغابي.
وأخيراً، هناك قائد الجيش الجنرال كونستانتينو شيونغا، الحليف الوثيق لمنانغاوا، والذي يقود الجيش منذ 1994. وشيونغا هو أيضاً من المقاتلين من أجل الاستقلال، وقبل أيام من تحرك الجيش فاجأ الشعب في زيمبابوي بإطلاقه تحذيراً من أن الجيش يمكن أن يتدخل بسبب تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد. وهذا ما فعله.

*مراسل أمني لمحطة الـ «بي بي سي» في إفريقيا – موقع المحطة


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى