قضايا ودراسات

فقراء أمريكا يعيشون ظروفاً مرعبة

تنتشر العنصرية، والفقر المدقع، والأمراض، وفساد البيئة على نطاق واسع في مناطق جماعات السود والأقليات، والبيض أيضاً، في جنوب الولايات المتحدة، الأمر الذي أثار صدمة لمحقق لدى الأمم المتحدة.
أصبح الفقر المفرط، والتدهور البيئي، وأخطار التسمم بسبب القاذورات في البلدات والقرى والأحياء الفقيرة في الولايات المتحدة موضوع تدقيق دولي في أعقاب جولة معاينة قام بها مسؤول في الأمم المتحدة. وقد عبّر هذا المسؤول عن شعوره بالصدمة إزاء هذه الظروف الحياتية التي اعتبر أنها تختلف كلياً عن الظروف السائدة عموماً في العالم المتقدم الغني.
وهذه الجولة التي قام بها فيليب ألستون، مقرر الأمم المتحدة الخاص لشؤون الفقر المستفحل وحقوق الإنسان، ألقت ضوءاً على مسألة تعانيها خصوصاً الجماعات العرقية التي ابتليت بالفقر وتعاني الظلم في الولايات المتحدة. وتمارس السلطات المحلية في هذه المناطق عنصرية بيئية، من خلال إلقاء نفايات سمية في الأفنية الخلفية لمناطق سكن الفقراء.
وقال ألستون: «قد يتساءل البعض لماذا يزور مقرر خاص للأمم المتحدة للفقر المستفحل وحقوق الإنسان بلداً غنياً مثل الولايات المتحدة. ولكن بالرغم من الثروة الهائلة في الولايات المتحدة، يوجد أيضاً فقر مدقع وانعدام مساواة».
والهدف من جولة مسؤول الأمم المتحدة كان إلقاء ضوء وضمان الشفافية بشأن الفقر، وانتهاكات حقوق الإنسان، وعدم توفر خدمات أساسية حيوية لسكان المناطق التي تعاني الظلم والاضطهاد عبر كل الولايات المتحدة. وقام محققون للأمم المتحدة أيضاً بجولات عبر مدن وبلدات وقرى في ولايات كاليفورنيا وألاباما وفيرجينيا، وكذلك في قطاع كولومبيا الذي يضم العاصمة واشنطن، وفي مستعمرة بورتو ريكو الخاضعة للسلطة الأمريكية.
وقال ألستون إنه لم يكن يعتقد أن مثل هذه الظروف يمكن أن تكون شائعة في العالم الأول الغني.
ويقدر مكتب الإحصاء الأمريكي أن نحو 41 مليون شخص في الولايات المتحدة يعيشون في فقر مدقع، ما يجعل أمريكا تحتل المرتبة الثانية في قائمة معدلات الفقر في البلدان الغنية.
والتفاوتات في المداخيل والحرمان الشامل الذي تعانيه الجماعات المستضعفة مثل السود، والسكان الأصليين (الهنود الحمر)، والأمريكيين اللاتينيين، تترافق مع حرمان من الحقوق المدنية، ومستويات خطيرة من التعرض لنفايات صناعية خطرة والروائح النتنة التي تفوح منها، إضافة إلى التشرد، وممارسات الإخضاع العنيفة للسلطات المحلية التي تطلق النار أولاً على الناس ثم تطرح أسئلة لاحقاً.
والفقر الطاحن في الولايات المتحدة يتسبب بموجات تفشي أمراض، على غرار ما يجري في البلدان الأقل نمواً في العالم. وفي الأسابيع الأخيرة، تم الإبلاغ عن انتشار التهاب الكبد في مدينة سانتياغو، وولاية مين، ومناطق في ولاية ميشيغان. وفي مقاطعتين، حقق ألستون في انتشار أمراض معدية خطيرة، كان يعتقد أنها تنتشر فقط في بعض مناطق إفريقيا وآسيا.
وانتشار مثل هذه الأمراض يعود إلى عدم توفر مياه نظيفة، نتيجة لتدفق أقذار البواليع والصرف الصحي من بيوت الفقراء. ويشير نشطاء يحاولون تحسين ظروف مثل هذه المناطق إلى أن الأطفال معرضون لأخطار جسيمة، نتيجة لولعهم باللعب في الشوارع والأزقة.
وقد انتقد ألستون بأشد العبارات في تقريره إلى الأمم المتحدة تجاهل السلطات الفاضح لاحتياجات السكان من الخدمات الإنسانية الأساسية، وعدم اهتمامها بمعالجة الأضرار البيئية في المناطق الفقيرة. وكتب يقول: «الناس لهم حق إنساني في أن يعيشوا بشكل محترم، وهذا يعني أن الحكومات ملزمة بأن توفر للناس الضرورات الأساسية للحياة، التي تشمل الطاقة، والمياه، وخدمات الصرف الصحي. ولكن عندما تقول حكومة «لا، لن نفعل ذلك»، فإنها تخل بواجباتها والتزاماتها.
وأضاف: «فكرة حقوق الإنسان هي أن الناس لديهم كرامة أساسية، ومن واجب الحكومة -نعم الحكومة- ضمان ألا يعيش أي إنسان دون مستوى لائق».
وقال أيضا: «إن مجتمعاً متحضراً لا يقول للناس اذهبوا وافعلوا اللازم بأنفسكم، وإذا لم تستطيعوا، فهذا يكون من سوء حظكم».

*تقرير توثيقي أعده خبراء لشبكة «تيليسور» التلفزيونية القارية في أمريكا الجنوبية – موقع «إنفورمد كومنت»


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى