قضايا ودراسات

في ذكرى هزيمة «داعش»

صادق ناشر

يؤرخ يوم أمس (الاثنين) لمرور عام على تخلص العراق من تنظيم «داعش»، حيث تم في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي الإعلان عن تحرير جميع المدن التي سيطر عليها التنظيم منذ منتصف عام 2014، وتمكن خلالها من توسيع سيطرته على كثير من المناطق في العراق، قبل أن يتوسع إلى سوريا ويكسب مزيداً من الأراضي والنفوذ والمال، ويتسبب في معاناة لأهالي المناطق التي دخل إليها وأقام فيها دولته المزعومة.
وعلى الرغم من أن المناسبة تبدو ذات مغزى كبير، خاصة للجانب العراقي الذي تولى مهمة التخلص من التنظيم، بمساعدة خارجية، إضافة إلى الدور الكبير الذي قامت به القوات الروسية، في الأراضي السورية، إلا أن الأوضاع بعد عام من التحرير لا تزال غير مستقرة بالكامل، حيث تمكن التنظيم من العودة إلى بعض المناطق التي تم طرده منها، لأسباب عدة، يبدو في مقدمتها انصراف السلطات العراقية للصراعات السياسية الداخلية، ومن بينها التحضير للانتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد في مايو/ أيار الماضي، وذلك بعد ستة أشهر فقط من إعلان القضاء على التنظيم.
أكثر من ذلك تجنبت السلطات العراقية اتباع سياسة «ملء الفراغ»، وتركت المناطق التي كان يسيطر عليها التنظيم من دون اهتمام، وقد وفر ذلك جواً ملائماً للتنظيم لأن يعيد ترتيب صفوفه بشكل أكبر، وساعد الترهل الإداري الممارس من قبل السلطات العراقية بما فيه من فساد ورشوة، في تشكل مشهد ما بعد هزيمة «داعش».
بعد عام من الإعلان عن إزالة خطر تنظيم «داعش» يبدو الأمر ملحاً لتقييم ما تم تحقيقه على الأرض، فهذه الطريقة الأنسب لمعالجة الأخطاء التي وقعت ميدانياً من قبل السلطات العراقية والسورية معاً، والبحث عن الأسباب التي أدت إلى ما نعيشه اليوم، خاصة إذا ما علمنا أن عودة «داعش» إلى بعض المناطق التي خسرها، يشكل انتكاسة للجهود الحكومية في إعادة تطبيع الأوضاع في هذه المناطق.
لم تكن المخاوف التي تراكمت لدى الكثير من المراقبين بعودة «داعش» ناتجة عن فراغ، فقد بدا الكثير من المظاهر التي تدل على أن قوة التنظيم لم تنته بعد، وأن المعركة معه لم تصل إلى نهايتها، وكان واضحاً أن قوة التنظيم لا تزال حاضرة في أكثر من مكان، وظهرت مؤشرات تدل على ذلك، حيث أعاد التنظيم ترتيب أوضاعه، لدرجة بدا وكأنه قادر على لملمة صفوفه من جديد.
اتبع «داعش» قبل انهياره، تكتيكاً لافتاً تخلص بموجبه من عدد ليس بالقليل من قياداته وعناصره المؤثرة، عبر توزيعهم على مناطق مختلفة من الوطن العربي، والاستعانة بهم متى كانت الحاجة ضرورية، وهو ما بدا جلياً في أكثر من بؤرة في العراق وسوريا، ما يشكل قلقاً من عودة تدريجية له في مدن أكبر وأهم من تلك التي غادرها تحت ضغط القوة.

Sadeqnasher8@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى