مقالات عامة

قصة قصيرة جداً ..

رائد برقاوي

حدثني أحدهم ـ يعمل في قطاع التجزئة والمطاعم ـ بعد سؤاله: كيف هو حال السوق، وكيف كانت هي نتائج أعمالكم؟ فرد بجواب يستدعي التوقف عنده عندما قال: مبيعاتنا زادت العام الماضي 20 % لأننا توسعنا لكن أرباحنا انخفضت 40 %.
سألته كيف ذلك، المفروض أن ترتفع الأرباح طردياً مع ارتفاع المبيعات؟ فرد قائلاً: كان من المفروض أن تزيد الأرباح 20% على الأقل لكن تكلفة التشغيل امتصت الزيادة وامتدت إلى المبيعات السابقة.
محدثي قال: السبب يعود إلى الزيادات الكبيرة التي طرأت على تكاليف التشغيل رغم استقرار عامل الإيجارات، فتكلفة استخدام العمالة ارتفعت ومعها رسوم الترخيص وأيضاً المخالفات والغرامات وغيرها من البنود الاستثنائية التي باتت «دائمة» لدى العديد من الدوائر الحكومية، إضافة إلى رسوم مبتكرة لم تكن موجودة عند تأسيس الأعمال وإعداد دراسات الجدوى.
سألته: ولماذا لا تضيف تكلفة التشغيل الجديدة على مبيعاتك للحفاظ على هامشك الربحي المحقق سابقاً؟، فرد: لا أستطيع لكي لا أفقد زبائني وأقلص مبيعاتي، فالسوق شديد المنافسة ولا أملك أداة في هذا الوقت الا أن أتحمل الرسوم الحكومية الإضافية حيث الأفضل امتصاصها لأن حجم استثماراتي كبير.
قلت له: ما العمل إذن؟ فرد قائلاً: الأمر يزداد صعوبة الآن مع تطبيق الضريبة التي يتحملها المستهلك النهائي، فلا أمل بزيادة الأسعار حتى مع ارتفاع الطلب إذا حصل، فيبقى القبول بالواقع على أمل مراجعة الرسوم المفروضة على الأعمال من قبل الحكومة.
سألته: وماذا إذا استمر الحال على ما هو عليه؟ فقال: التوسع سيكون مستبعداً وتقليص الأعمال سيكون أفضل الخيارات غير المحببة، لكنه استدرك قائلاً: علينا أن نبقى متفائلين لأن الثقة كبيرة.
هذه قصة قصيرة جدا تلخص جانباً من واقع أسواقنا وتستعرض بعض هموم قطاع التجزئة والمطاعم والترفيه، وهي قصة مكررة في أنواع مختلفة من الأعمال، ولا تقتصر على إمارة بعينها وإن اختلفت نسب زيادات الرسوم قليلاً بين إمارة وأخرى.
لهذا لا نستغرب عندما نستعرض تصنيفات المؤسسات العالمية لقوائم أغلى المدن في العالم فنكون بين الأعلى ونتصدر إقليمياً.. االرسوم الحكومية لها انعكاسات على بيئة الأعمال وعلى المقيمين والزوار وعلى تنافسيتنا بين مراكز الأعمال والمقاصد السياحية، فنحن لا نعيش بمفردنا في هذا العالم، والمنافسون كثر والمتأهبون لاقتناص حصة من «كعكتنا» أكثر.
الرسوم باختصار تحتاج إلى مراجعة جريئة، فيجب أن لا تترك ساحة للمنافسة بين مسؤولي الدوائر على من يجلب موارد أكثر للحكومة، فالخدمات هي حلبة المنافسة الحقيقية، ولكل خدمة تكلفة وهامش ربحي معقول يتطلب الالتزام به لصالح الاقتصاد الوطني.

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى