مقالات عامة

قمة هرم المستقبل

شيماء المرزوقي

بات الكثير من المخترعات مشاعاً ومتاحاً للجميع ويمكن إعادة تصنيعها بل وإدخال تطويرات عليها، وأقصد تحديداً المخترعات التي فعلاً أثرت وأحدثت تغييراً كبيراً في مسيرة الإنسان. ويمكن ملاحظة أي مخترع بين يديك الآن والسؤال: ما الذي يمنع من القيام بإعادة تصنيعه ومحاولة التطوير عليه؟
على سبيل المثال لا الحصر، المحركات على مختلف أنواعها بين أيدينا ويمكن لكل مهندس متخصص أن يطورها أو يعدلها أو يستنسخ منها أشكالاً جديدة وحديثة، وقد شاهدنا الصين والتي تعتبر عند البعض بلد الصناعة التقليدية، بمعنى أنها تقوم بإعادة التصنيع لكل شيء في العالم وإعادة تسويقه وبيعه بأسعار متدنية وأقل من تلك الأصلية، لكن الصين تجاوزت هذا المفهوم تماماً لأن صناعاتها أثبتت جودة وتواجداً وقوة في الأسواق، وباتت اليوم رائدة وتسابق الأسواق العالمية المختلفة وتنافس على كسب المزيد من الأسواق والفوز بأكبر حصة من المستثمرين والمشترين من مختلف دول العالم. ويكفي أن نعلم أنها اليوم تستثمر في مجالات الطاقة النظيفة وصناعاتها المختلفة وهي تحقق نتائج مبهرة في هذا المجال وباتت علامة فارقة لا يمكن تخطيها، فهي تضخ أموالاً طائلة في هذا المجال، فقد جاء في تقرير صدر عن معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي أن إجمالي استثمارات الصين في مشاريع الطاقة النظيفة تجاوزت 44 مليار دولار في العام 2017، وهذه تعتبر زيادة كبيرة مقارنة بإجمالي استثماراتها في العام 2016 التي بلغت نحو 32 مليار دولار أمريكي.
ومرة أخرى، العالم بأسره يعلم سر هذا الاهتمام، وسبب ضخ كل هذه الأموال، لأن المستقبل الذي لا يمكن أن تخطئه العين هو للطاقة النظيفة، وبالتالي الاستعداد لاستقبال هذه الطاقة بمعدات ومركبات وطائرات وأدوات جميعها تعمل وتشتغل على الطاقة النظيفة يعتبر سبقاً وسيحقق عوائد مالية غير محدودة، خاصة إذا عرفت ريادتك وتخصصك في هذا المجال، والمذهل أن الساحة تكاد تكون خالية للصين.
النموذج الصيني حول إعادة التصنيع والتطوير يمكن لأي بلد استنساخه والانطلاق من النقطة التي وصلها العالم، فثورة المعلومات وتطور وسائل الاتصال وتقنيات التعليم تسمح بتحقيق نجاحات أكبر وأعظم.
الصين المهزومة الفقيرة التي تعاني ويلات الاكتظاظ والزحام السكاني، لم تتوقف عند تعثرها ولا خيبات وهزائم الماضي، بل إنها استثمرت وأنتجت وصنعت وفي البداية وصمت صناعاتها بالتقليدية وعدم الجودة، وفي نهاية المطاف نرى توجهها للتربع على قمة هرم مستقبل العالم، وأقصد الطاقة النظيفة.

Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى