مقالات عامة

مئوية زايد.. خمسينية الإمارات

عبدالله محمد السبب

منذ نحو مئة عام من الآن، حيث 6 مايو/أيار 1918، ولد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.. وفي 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2004، رحل.. وبين الميلاد والرحيل، ثمة أحداث وحكايات وذكريات لا تنسى..
ففي قصر الحصن بأبوظبي كانت الولادة، وفي سن الخامسة، وعلى يدي الكُتَّاب كانت الانطلاقة العلمية.. حيث التتلمذ على أيدي «المُطاوعة» الذين حصّنوه بالقرآن الكريم، وزرعوا قلبه بالحديث الشريف، وجوّدوا لسانه بأصول الدين واللغة العربية.
«زايد»: الاسم والمعنى، والقول والفعل. «زايد»: القائد المحنك، بفراسته وفروسيته.. وبحبه الصادق الصدوق، والصافي النية والأمنية.. للوطن والمواطن، وللمقيم والزائر، وللإنسان الكل.. في البلاد، وفي أقصى البقاع. ما وطئ مكاناً إلا زاده بهاءً ونماءً.. بفطنته، وحنكته، وحكمة حكمه. إذا تحدث ارتجل، بفصاحة البدوي ولسان الخبير العارف بالأمور وخبايا السطور.. وإذا فعل، فلمصلحة البلاد والعباد.
«زايد»، السياسي، سليل الحسب والنسب: انطلقت رحلته حاكماً لمدينة «العين» عام 1946، وفي العام 1953 عزز من خبرته السياسية عبر رحلة استكشافية لتجارب الحكم والعيش في كل من (بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، سويسرا، لبنان، مصر، سوريا، الهند، باكستان، فرنسا)، ليخرج بنتيجة مضمونها القناعة بمدى الحاجة لتطوير الحياة في المجتمع المحلي للحاق بركب تلك الدول المتقدمة المُزارة.. وفي مايو 1962 أخذ بزمام المساعدة لأخيه الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، على إدارة شؤون أبوظبي، وفي 6 أغسطس/آب 1966 تولى مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي.. وفي «العين» المدينة و«أبوظبي» الإمارة، أحدث نقلات نوعية في ميادين شتى.. لتكون تلك النجاحات التنموية دافعاً للأخذ بيد أحلامه الوحدوية نحو التحقق على أرض الخريطة الإماراتية المتصالحة.. حيث انطلاقته «من التحدي إلى الاتحاد»، في مسيرة تكتنفها «روح الاتحاد»، بمعية رفاقه الشيوخ حكام الإمارات المتصالحة: زايد بن سلطان آل نهيان (1918 – 2004)، راشد بن سعيد آل مكتوم (1912 – 1990)، خالد بن محمد القاسمي (1927 – 1972)، راشد بن حميد النعيمي (1902 – 1981)، راشد بن أحمد المعلا (1932 – 2009)، محمد بن حمد الشرقي (1920 – 1974)، صقر بن محمد القاسمي (1918 – 2010).. مبحرين معاً في سفينة الاتحاد الذاهبة إلى مستقبل الحياة الكريمة للأرض، وللشعب، وللإرادة العربية الحرة الأبية.
وهكذا، «بقوة الاتحاد».. هو ذا، (زايد الزعيم، موقف في ضمير الزمن).. لينجم عن ذلك نشوء علاقة حية وحيوية بينهما: (زايد الخير، ومسيرة العطاء).. وليثمر ذلك عن علاقة عاقلة بينهما: (زايد، القائد ونداء الوطن).. وليس الوطن لدى «زايد» الحاكم الحكيم مقتصراً على أرض الإمارات الدولة، وفي سمائها السامية، وعبر مياهها الإقليمية.. بل وطن «زايد» الإنسان، ممثل في كل أرجاء الخريطة العامرة بالبشر على مختلف أشكالهم، وألوانهم، وأجناسهم، وجنسياتهم، وأديانهم، وأنسابهم، وأحسابهم، والكائنات الحية على اختلاف بيئاتهم، وطبيعتهم، وطبائعهم.
هذا هو «زايد» الإنسان، رحمه الله، وطيب ثراه.

a_assabab@hotmail.comOriginal Article

زر الذهاب إلى الأعلى