قضايا ودراسات

مستقبل تدريب الجراحين

فايي فلام*

أحد الاكتشافات العلمية التي توصل إليها بعض العلماء مؤخراً، تعد بما لا يدع مجالاً للشك أفكاراً مستقبلية ثورية، وهي بحد ذاتها مخيفة ومثيرة في آن واحد، حيث توصل خبراء إلى أنه يمكن استخدام التصوير المقطعي لفرز جراحي المستقبل من الطلاب الذي لا يزالون في مرحلة التعليم، ورغم ذلك فإننا نعيش عصراً يتضمن الكثير من التصورات والادعاءات التي تكون مثار شك كبير، خاصة فيما يتعلق بتصوير الدماغ البشري واستخلاص النتائج منه مثل توجهات الشخص مقدار الحب أو الدين وغيرها.
لكن هذا الادعاء يبدو معقولاً ومفيداً، فقد أضحت دراسة الخبرة بهذه الطريقة ممكنة، خاصة أن أجهزة التصوير التي تراقب النشاط الدماغي للأشخاص أصبحت متوفرة في الكثير من الجامعات والمعامل الكبرى، والتي ترصد حركة الخلايا والتيار الكهربائي في الدماغ خلال القيام بمهام معقدة، وهو ما دفع فريقاً من المهندسين والأطباء إلى تبني تجربة لرصد أدمغة الطلاب الجراحة والطب، من خلال إخضاعهم إلى برامج محاكاة تم تطويرها لاختبار مهاراتهم الجراحية، ولكن النتائج كانت مفاجئة لهم، حيث إن التصوير الدماغي لم يتمكن فقط من التمييز بين الجراحين المهرة، بل إنه يظهر أيضاً التقدم الذي يحرزه الطالب خلال فترة تصل إلى 11 يوماً من التدريب.
يطلق على هذه التقنية الجديدة اسم التحليل الطيفي الوظيفي بالأشعة تحت الحمراء، وتعنى بقياس أماكن تدفق الدم في الأجزاء المختلفة للدماغ خلال أداء مهمة معقدة، واستطاع البرنامج تمييز الجراحين المتدربين بشكل دقيق للغاية من خلال رصد النشاط الدماغي وتدفق الدم إلى الأجزاء المسؤولة على التركيز العميق، وإيجاد الحلول، واتضح أن تدفق الدم إلى تلك المراكز يرتبط بمستوى التدريب والتعليم الذي يتلقاه هؤلاء الطلاب.
تجاذبت أطراف الحديث مع اثنين من المهندسين المشاركين في هذه التجربة، وذكرا لي أن الغرض من هذه الدراسة ليس إنشاء ما يمكن وصفه ب«شرطة الأدمغة»، ولا في تحديد من يمكن أن يصبح أو لا يصبح جراحاً، بل إن الهدف الرئيسي منها هو تحسين طريقة تدريب الجراحين وتعزيز المعايير الخاصة بتقييمهم، لكي يتم التعرف إلى مدى استعدادهم لممارسة ما تعلموه بشكل أفضل على المرضى.
وقد خلصت الدراسة إلى أن هناك الكثير من التركيز على المهارات المعرفية اللازمة للجراحة، إلا أن هنالك فجوة حقيقية في التعامل مع المهارات والتنسيق الحركي اليدوي المطلوب لدى هؤلاء الجراحين، وقد نما إلى علمي أن التخصصات الطبية لا تتطلب أي اختبارات على المهارات الحركية، وهو على ما يبدو الهدف الرئيسي لهذه الدراسة.

*فاينانشال تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى