مقالات تقنية

مستقبل هاتف الآيفون ممل وقاتم

ليونيد بيرشيدسكي

هناك أسباب موضوعية تدعو لبيع هواتف آبل الذكية الجديدة، التي سوف يُكشف النقاب عنها يوم الثلاثاء المقبل بسعر 1000 دولار وأكثر. وهواتف آيفون، بما في ذلك موديل إكس الفائق الجديد، سوف يحمل بعض المكونات المتطورة والمكلفة والنادرة. وتتزايد أسعار كل موديلات الهواتف الذكية الرائدة والتي تقترب من الجمع بين الكومبيوتر والكاميرا في جهاز واحد. وللتمييز، يحتاج الهاتف الحديث، ولا سيما الموديل الرائد، إلى شاشة رائعة، ومعالج قادر على التعامل مع الألعاب المتقدمة نسبياً، والكاميرا التي يمكنها التقاط الصور المماثلة لتلك التي تلتقطها أفضل كاميرات الهواة. وتزداد صعوبة الأمر بمرور الوقت لتوفير المكونات الصحيحة بالكميات اللازمة. مما يزيد من تكلفة إنتاج الهواتف. ووفقا إلى مؤسسة «آي إتش إس ماركيت» البحثية، تبلغ تكلفة تصنيع آيفون 6 إس 188 دولاراً، ويتكلف تصنيع آيفون 7 سعة 32 غيغابايت 220 دولاراً. ويتوقع أن تبلغ تكلفة تصنيع آيفون إكس نحو 387 دولاراً.
ولكن في حين أن متوسط أسعار الهواتف التي تبيعها آبل وسامسونغ قد كانت ثابتة خلال العامين الماضيين، فإن صناع الهواتف الرخيصة، والتي لا تتمتع بالميزات الربحية نفسها، كانوا قد رفعوا من الأسعار بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة.
ولا تحاول شركة آبل، رغم ذلك، مجرد الحفاظ على استقرار هوامش الربح الواسعة. فإذا ما حققت الشركة أرباحاً بنحو 550 دولاراً عن كل هاتف آيفون 7 تبيعه، فإن سعر 1000 دولار لهاتف آيفون إكس سوف يحقق هامشاً ربحياً بنحو 613 دولاراً. فهل تزداد آبل جشعاً بمرور الوقت، وتتطاول على عملائها، ويزداد تعلقها بنظام الشركة البيئي المغلق، والتحسينات المستمرة في الموديلات؟ إن كانت كذلك فهي لن تذهب إلى أي مكان.

وإنني أشكك في ذلك. فهذه بيئة شديدة الصعوبة ولا تسمح بالجشع. وتدرك آبل أن قاعدتها الأصلية تشيخ بمرور الوقت، وفقاً لأحد التقديرات، وبحلول منتصف عام 2018 فإن 35 في المائة من هواتف آيفون العاملة سوف يبلغ عمرها عامين على الأقل. وهناك سببان يدفعان الناس لعدم التحديث للموديلات الجديدة بوتيرة سريعة كما اعتادوا أن يفعلوا: شركات تشغيل خدمات الهواتف في الولايات المتحدة وأوروبا قد توقفت عن دعم الهواتف، كما توقفت التغيرات السنوية التي طرأت على الهواتف الذكية من إحداث أي فرق يذكر لدى العديد من المستخدمين. ويمكن لهاتف من إنتاج عام 2015 أن يقوم بالمهام نفسها التي ينفذها الهاتف من إنتاج عام 2017 الجاري. ويدرك المديرون في آبل أنهم يواجهون المخاطر مع سعر 1000 دولار للهاتف الواحد: سوف يتساءل الناس ما إذا كان أي هاتف، بصرف النظر عن تطوره ومميزاته يستحق هذا القدر الكبير من الأموال لشرائه.
وقرار تسويق الهاتف باهظ التكاليف ينشأ من الاضطرار لذلك، حيث تحتاج آبل إلى المحافظة على إظهار النمو حتى يتسنى الحفاظ على التقييمات المرتفعة. ولا يزال الآيفون هو درة تاج الشركة في الأسواق، ويولد بشكل ثابت نحو ثلثي أرباح الشركة في العوائد الفصلية بعد إطلاق النموذج الجديد، ومن المهم تعزيز المبيعات. وزيادة الأسعار هي السبيل الوحيد للتعبير عن النمو الكبير في السوق الناضجة والنامية نسبياً، حيث تكون حصة الشركة في السوق راكدة. ووفقاً للمؤسسة الدولية للبيانات (آي دي سي)، فإن حصة آبل في السوق وفقاً لقيمتها، سجلت 27.6 في المائة خلال الربع السنوي الأخير، وهو أقل نسبياً مما كان عليه الأمر في النقطة نفسها في دورة المنتج العام الماضي. وكان هذا أيضاً هو النمط لشركة كبرى أخرى هي سامسونغ. والشركات المصنعة الكبرى الوحيدة في الصين التي عكست زيادة مسجلة في الأرباح هي هواوي، وزياومي، وكل من هاتفي أوبو وفيفو من إنتاج شركة بي بي كيه إلكترونيكس.
وتحاول شركة آبل الخبيرة في التسويق، ومن أي وقت مضى، المحافظة على حجم المبيعات من خلال الإفراج عن التحديثات التدريجية المعتادة وهي هاتف آيفون 8 وهاتف آيفون إكس. وأكبر المعجبين لهذه العلامة التجارية، وأولئك الذين يحبون التباهي بثرواتهم سوف يذهبون لموديل الذكرى السنوية، ومشترياتهم من شأنها أن تمنح خط الإنتاج بكامله دفعة قوية للإيرادات. والنتيجة النهائية قد أثبتت سعادتها للأسواق.
ومن المثير للإعجاب أن آبل تجنبت الانخفاض الحاد في الإيرادات في كل مكان باستثناء الصين، حيث كان الاتجاه سلبياً لفترة من الوقت. وليس هناك من سبب وجيه لأحد أن يعزو هوامش الربح الكبيرة للشركة في غياب دعم شركات تشغيل خدمات الهواتف. ولقد قام الرئيس التنفيذي تيم كوك بعمل ممتاز للمحافظة على الصفة المميزة للعلامة التجارية وتوسيع نطاق الموديلات لتلبية مجموعة واسعة من الدخول. والنظام البيئي لخدمات آبل، والذي عمل على توسيعه، يمنح الشركة التميز الطويل الأمد على شركة سامسونغ، والتي تبذل الجهود المضنية للمحافظة على ثبات قطاع البرمجيات. ومن الصعب للغاية على الشركة الكورية أن تدفع بالأسعار أعلى من مستوى 1000 دولار، كما أنها تحتاج إلى أن تفعل ذلك للأسباب نفسها التي أعلنت عنها آبل، من ارتفاع التكاليف، وجمود حصص الأسواق.
غير أن التهديد الصيني لكلتا الشركتين الرائدتين لا يزال قائما؛ فهناك خيار عدم الدفع مقابل العلامات التجارية المألوفة، ولكن للهواتف الفعلية فقط، لدى العملاء حتى تخرج الشركات الكبيرة بشيء ذي قيمة حقيقية. ومن هنا، وعلى الأرجح، لن تكون الهواتف بشاشات رائعة ومضيئة، أو بأفضل الكاميرات الممكنة، أو بالمعالجات الأسرع نسبياً أو حتى المقدرة على إدراج ميزة التعرف على الوجوه في الأيقونات، وهي من أبرز مميزات هاتف آيفون إكس الجديد. واللعبة التدريجية، حتى وإن لعبها السيد كوك بكل خبرة وإتقان، باتت مثيرة للمزيد من الملل وأصعب على التصديق من ذي قبل.

 

نقلا عن جريدة الشرق الاوسط

 

زر الذهاب إلى الأعلى