قضايا ودراسات

مشاريع صغيرة لخلق وظائف لإفريقيا

ليسلي وينتورث وكاترين جرانت ماكوكيرا*

يعتبر إيجاد فرص العمل من أكثر الأولويات إلحاحاً بالنسبة للدول الإفريقية. فلم يعُد ملائماً الاعتماد على القطاع العام قائداً للتوظيف؛ بل لا بد من دور للقطاع الخاص في تنمية القارة.
استضاف بنك التنمية الإفريقي والوكالة النرويجية للتعاون الإنمائي مؤخراً، مناسَبة في جنوب إفريقيا، لتبادل الدروس بشأن ما نجَح وما لم ينجحْ في دعم تنمية القطاع الخاص، عن طريق التمويل تحديداً. وكان أحد المواضيع التي جرى نقاشها، سُبل تحفيز المشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم، باعتبارها أحد المنابت الرئيسية للنمو في إفريقيا.
وعلى الصعيد العالمي، تعزز المشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم قدرات المواطنين، ويمكن أن تكون رافداً غزيراً للنمو الاقتصادي. وترتبط هذه المشاريع في آسيا وأمريكا الشمالية وأوروبا، بالنمو الاقتصادي المثير للإعجاب في بلدانها، ولا تزال حتى الآن، تحتل مكانة مؤثرة في الاقتصاد في جميع الدول.
وفي إفريقيا، تهيمن المشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم على الأعمال التجارية، وتشكل 90% من الشركات في المناطق الريفية والحضرية، وتوفر سبيلاً رئيسياً لتوفير الوظائف. وتشحذ هذه المشاريع مهارات ريادة وتنظيم الأعمال التجارية في المجتمعات المحلية، وهي عوامل مهمة تدفع نحو تحقيق الأهداف الوطنية الرئيسية، مثل التخفيف من حدّة الفقر، وزيادة النموّ الاقتصادي.
وفي جنوب إفريقيا، تنشط المشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم في القطاعين الرسمي وغير الرسمي من الاقتصاد. ويتكون نحو 80% من قطاع الأعمال الرسمي، من هذه المشاريع، التي تُسهم مجتمعة في الناتج المحلي الإجمالي، بنسبة تتراوح ما بين 50 و60%.
ويمكن تعزيز الأثر الإنمائي للمشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم، من خلال زيادة فرصها في الحصول على التمويل، وقدرتها على إدارة استراتيجياتها ومواردها المالية طوال دورة حياتها؛ التي تشمل افتتاحها وبقاءها ونموّها، وتوسّعها واكتمال نضجها. ويمكن أن يضيف حصول هذه المشاريع على التمويل، إسهاماً ضخماً في النموّ الاقتصادي في الدول النامية. ومن دون حصولها على الخدمات المالية، تفتقر إلى الوسائل اللازمة لخلق السلع والابتكارات، التي لا بدّ منها لتحقيق هذا النموّ.
وتشير معظم المشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم، إلى النقص في الوصول إلى التمويل، باعتبار ذلك، التحدي الأكبر، إلاّ أن هذا الوضع كثيراً ما يتفاقم بفعل عدم تماثُل المعلومات، أو غياب التسويق الواضح من قبل مقدِّمي الخدمات لهذه المشاريع.
وتقوم مؤسسات مختلفة بتقديم التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة. ويستهدف مموِّلون مختلفون صناعات، أو مشاريع تجارية، أو مواقع محددة. والعثور على مموِّل مناسب أمر مهم، ولكنه ما يزال مصدر عناء شديد بالنسبة لرجال الأعمال في القارة.
ومن بين العوائق الأخرى، في طريق تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة، البيئات التنظيمية الجامدة، والروتين البيروقراطي، والتقلب في السياسة العامة، وانعدام الشفافية، وطول فترات انتظار تفعيل التغييرات، والحواجز الحكومية أمام التجارة.
وفي إطار الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي، قدّم مجتمع الأعمال عدداً من الاقتراحات الملموسة بشأن سبل تحسين البيئة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم، تحت مظلة منتدى الأعمال في الجنوب الإفريقي.
ويشمل ذلك معالجة أوجه قصور البنية التحتية، الصلبة منها (المادية) والناعمة (التنظيمية)، مثل أنظمة النقل للوصول إلى الأسواق. وطالبت شركات من جميع القطاعات، بوجود سياسة ثابتة بشأن التعريفات الجمركية، والرسوم والضرائب عند الحدود، ودعت أوساط التعدين والتصنيع الزراعي، إلى وجود نظم تصدير مستقرة قابلة للتنبؤ بها، وأثار مطوِّرو البُنى التحتية والمستثمرون في المشاريع الزراعية، مسألة الحاجة إلى إقرار حقوق متسقة وشفافة في استخدام الأراضي.
ليس هنالك نقص في الأفكار. ولكن العامل الأساسي هو الفعل والتنفيذ. ويتطلب ذلك جهوداً متواصلة للانخراط على المستوى الشعبي مع المشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم، وتيسير التبادل الفاعل للمعلومات بين الحكومات ووسطائها، مثل غرف التجارة، ونقابات الشركات التجارية.
وقد لا تكون مؤسساتٌ مثل مصرف التنمية الإفريقي، في وضع يؤهلها للنزول إلى مستوى الشركات في نشاطاتها، ولكن لديها دورٌ واضح تلعبه في دعم البرامج في هذا المضمار، ذي الأهمية الحاسمة للتنمية.

*تعملان لدى مجموعة توتوا الاستشارية في جنوب إفريقيا
موقع: أُوُلْ أفريكا


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى