قضايا ودراسات

من أجل أن تتواصل صفوف القادة

عبدالله الهدية الشحي

حرصاً من قيادتنا الرشيدة على تطوير الكفاءات البشرية المواطنة في الحكومة الاتحادية، وتوظيف كافة الطاقات الكامنة لرأس المال البشري المواطن، وافق مجلس الوزراء في اجتماعه الذي عقده مطلع الأسبوع الحالي، على تطبيق مشروع تخطيط التعاقب الوظيفي، وتطوير نخبة الكفاءات في الحكومة الاتحادية.
ويأتي هذا الاهتمام لدعم الصف الأول من القيادات، وردفها بالصف الثاني، وهكذا من أجل مواصلة الاستدامة المطلوبة من القيادات التي يتطلبها الحاضر والمستقبل، ومن أجل تحقيق هذا الهدف عاجلاً، تمت دراسة الواقع واستشرف المستقبل، ووضعت الآليات وحددت الطرق، وشرعت قوانين متابعة ومحاسبة، كل من يعتبر نفسه فوق المؤسسة، التي يديرها وليس جزءاً منها، وكل من لا يعمل على تشجيع المبدعين، وتأهيل وتمكين من يمتلكون صفات القيادة، حسب برنامج صناعة قادة المستقبل، الذي يعتمد على الجانب النفسي الذي يتعلق بالصفات والسمات الذاتية للأفراد، والتي يجب أن تراعى في البرامج التدريبية والجانب الفني الذي يختص بالمهارات والقدرات الذاتية للأفراد، ثم الجانب الاجتماعي المتعلق بالقدرة الاتصالية مع النفس والآخرين.
يقول الدكتور يحيى عبدالحميد إبراهيم في كتابه «التحديات الإدارية وإعداد قيادات المستقبل»: «إن العقم القيادي وغياب الصف الثاني من القيادات البديلة، لمن أهم المخاطر التي تهدد مستقبل مؤسساتنا العربية».
وجاء في علم تطوير الذات: ليس كل مبدع قائداً، وليس كل قائد مبدعاً، وأن القائد الذي يحرك المجموعة نحو الهدف، هو الذي يزيد عدد المبدعين، وأن المبدعين إذا لم يجدوا القائد الذي يقودهم نحو الهدف، فلن يستفاد من إبداعهم شيئاً، وأن مقومات القائد لا تعتمد على الأكبر عمراً أو الأكثر سنوات في الخدمة (شرط الأقدمية)، أو الأعلى في الشهادة العلمية، ولنا في موقف ثابت بن أرقم حين سلم إليه المسلمون رايتهم، بعد أن بدت علامات الاضطراب تظهر على جيش المسلمين، في غزوة مؤتة، بعد مقتل القادة الثلاثة، حيث أخذ الراية، وصاح بخالد بن الوليد الذي لم يمض على إسلامه ثلاثة أشهر قائلاً: خذ اللواء يا أبا سليمان، خذ اللواء يا أبا سليمان، فقال خالد: لا آخذه، فصاح ثابت بن أرقم بخالد: خذ اللواء يا أبا سليمان، فقال خالد: لا آخذه، أنت أحق به لأنك أقدم إسلاماً، وأكبر سناً، والرجال تعرف قدر الرجال، فقال ثابت: خذه يا خالد فو الله ما أخذته إلا لك، فأنت أعلم مني بفنون القتال، فأيده كبار الجيش، وطلبوا من خالد تولي القيادة، والنظر في الموقف المتدهور، الذي سيؤدي إلى إبادة الجيش، إن لم يتدارك الأمر، فحمل الراية خالد، وأصبح قائداً للجيش، وأنقذ بحنكته وفن قيادته الجيش.
لا شك بأن رؤية قيادتنا الرشيدة، عظيمة كعظمة نظرتها وثقتها بكفاءة القادة من أبنائها المواطنين، وأن الرؤية العظيمة والنظرة الثاقبة والثقة الغالية هذه، تتطلب عدة صفوف تتوالى من القادة المواطنين، الذين يعتمد عليهم في كل الأزمنة، بكل المجالات القيادية، لذا يجب على وزاراتنا وهيئاتنا ومؤسساتنا، أن تعمل من أجل خلق صفوف من القادة الأكفاء، وفق المعايير المعروفة والمطلوبة، كي تتباهى بنا قيادتنا الحكيمة ونتباهى بتباهيها بنا دائماً.

aaa_alhadiya@hotmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى