قضايا ودراسات

ميثاق الهجرة العالمي

فيصل عابدون

تشكل مصادقة قمة الأمم المتحدة في مراكش اليوم على الميثاق العالمي للهجرة نقلة كبيرة للصراع الدائر حول هذه القضية المثيرة للجدل والانقسام. وهو صراع يجري في الأساس بين التيارات القومية الشعبوية وقوى الاعتدال في أوروبا والولايات المتحدة، الهدف الثابت لموجات المهاجرين الباحثين عن الأمان والاستقرار الاقتصادي والكرامة الإنسانية.
والميثاق العالمي عبارة عن وثيقة غير ملزمة تتضمن عشرين اقتراحاً لمساعدة الدول على مواجهة موجات الهجرة عبر تبادل المعلومات والخبرات والاستيعاب المتكافئ للمهاجرين في المجتمعات الجديدة. وهو ينطوي على مبادئ الدفاع عن حقوق الانسان والأطفال للقادمين من الدول الفقيرة أو المنكوبة بالحروب مع الحفاظ على السيادة الوطنية للدول المضيفة، ومكافحة الهجرة غير الشرعية.
وفقاً لبيانات الأمم المتحدة، فإن عدد المهاجرين بلغ نحو 260 مليون شخص، يشكلون 3،4٪ تقريباً من سكان العالم. وبناء عليه فإن عدد الأشخاص الذين غادروا وطنهم بحثاً عن السلام وحياة أفضل قد ازداد بنسبة 49 في المئة منذ عام 2000. ويؤكد الميثاق أنه لا يمكن لأي دولة معالجة التحديات والفرص التي تنتج عن هذه الظاهرة العالمية بمفردها.
وساد تفاؤل عند تبني الميثاق في نيويوك عام 2016، لأنه يفتح طريقاً ثالثاً لتوحيد المواقف. وامتدح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش مزايا الميثاق الذي يضمن «هجرة آمنة ومنظمة ومضبوطة».
لكن انسحاب الولايات المتحدة من الميثاق في ديسمبر(كانون الأول) الماضي ألقى بظلال كثيفة من الشكوك حول الفوائد المرجوة أو ما إذا كان قادراً على وضع نهاية للجدل والانقسام بين الدول والحكومات والتيارات الغربية المؤيدة لاستقبال القادمين استناداً للاعتبارات الإنسانية والأخلاقية، وتلك المعارضة الرافضة لاعتبارات سياسية واقتصادية وثقافية.
وفتح انسحاب الولايات المتحدة من الميثاق الباب أمام المزيد من الدول لاتخاذ خطوات مماثلة مثل المجر وأستراليا وبولندا والنمسا وبلغاريا وسلوفاكيا. كما أرجأت دول أخرى اتخاذ قرار بالمصادقة عليه في قمة مراكش، وتعرضت دول أخرى لانقسامات داخلية بين تيارات معارضة ومؤيدة داخل الحكومة مثلما حدث في بلجيكا وسويسرا.
وفي معرض تبريرها لقرار الانسحاب تحدثت الإدارة الامريكية عن تهديده لمبدأ السيادة وأن بنوده تخالف سياستها في مجال الهجرة، ورغبتها في الحد من تدفقات المهاجرين غير الشرعيين .
وقالت المجر إن النص «خطير» و«سيدفع ملايين الأشخاص إلى سلوك طريق الهجرة». وأبدت بولندا مخاوف من تهديدات تطرحها تدفقات المهاجرين على أمنها القومي.
وفي المقابل، كافحت كل من الدنمارك وهولندا لتقديم الدعم الكامل للميثاق، فيما شهدت ايطاليا توترات داخلية وحسم البرلمان الألماني الجدل بالتصويت لصالح الميثاق. وانتقد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الدول الرافضة وأكد أنه يقدم لأول مرة «إطاراً دولياً لضبط وتنظيم الهجرة على نحو فعال». كما ينوي رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو توقيع الميثاق. وقال إن «استقبال القادمين من جميع أنحاء العالم بفضل نظام صارم للهجرة هو ما يجعل كندا بلداً قوياً وهو أمر يحتاج إليه العالم دائماً».

Shiraz982003@yahoo.com

زر الذهاب إلى الأعلى