الشعر

مَا غابَ عَنْ وَطَنِ المحَبَّةِ قَلْبُهُ

وَطَني أَعوُدُ إلَيْكَ بَعْدَ غِيابِ
وَالشَّوْقُ في الخَفّاقِ كَالأَنْيابِ
وَمَعي تَعودُ الذِكرياتُ فَأَنْتَشي
في سَرْدِهَا لِلأَهْلِ وَالأَحْبَابِ
أَحْكي لَهُمْ عَنْ مَوْطِنٍ أَعْطى لَنا
مَا نَشْتَهيهِ مِنْ مُنَىً وَرِغابِ
عَنْ فارِسٍ عَنْ قائِدٍ عَنْ عاشِقٍ
لِرِمالِ هذا المَوْطِنِ الخَلَّابِ
عَنْ «بُوخليفة» زايدٍ مَنْ لَمْ يَزَلْ
حَيّاً مُقيماً في قُلوبِ شَبابِ
مَا غابَ عَنْ وَطَنِ المحَبَّةِ قَلْبُهُ
أوْ مَرَّ فَوْقَ رِمَالِهِ كَسَحابِ
بَلْ إِنَّهُ مَا زالَ فيهِ مُعَلِّماً:
مَا الفَرْقُ بَيْنَ حَقيقَةٍ وَسَرابِ
عِشْتُ الطّفولَةَ كُلَّها في دَارِهِ
وَلِدَارِهِ مَا كانَ مَنْ أَبْوابِ
وَنَهَلْتُ مِنْ أفكارِهِ مَا لَمْ أَجِدْ
نِدّاً لهَا في مَرْجِعٍ وَكِتابِ
كانَ المُوَجِّهَ لي طَوالَ مَسيرَتي
كَيْ لا تتُوهَ خُطايَ بَيْنَ شِعابِ
أَعْلَى بِنَاءَ العِزِّ فَوْقَ رِمَالِنَا
مِنْ بَعْدِ خَوْضٍ في غِمارِ صِعَابِ
وَغَدَتْ إماراتُ المَحَبّةِ وحْدَةً
وَالكَوْنُ سُرَّ بِدَوْرِهَا الإيجابي
هُوَ لَمْ يَجِدْ بَيْنَ الشعوبِ فَوارِقاً
أوْ لِلتَّعَصُّبِ فيهِ مِنْ أَسْبَابِ
فَدَعَا إلى كَوْنٍ يُجَمِّعُ أهْلَهُ
مِنْ غَيْرِ حَرْبٍ أوْ نِصالِ حِرابِ
وَالمُعْجِزاتُ عَلَى يَدَيْهِ تَحَقَّقَتْ
صَنَع َالجِنان عَلَى أدِيمِ يَبابِ
لَمْ يَصْنَعِ البترولُ وَحْدَةَ شَعْبِنَا
رُغْمَ اسْتِجابَةِ خَيْرِهِ المُنْسابِ
بَلْ زايِدٌ كانَ المُسَخِّرَ خَيْرَهُ
لِبِناءِ صَرْحٍ شامِخٍ وَمُهَابِ
وَالشعْبُ أَعْطاهُ المَحَبَّةَ وَالوَلا
وَدَعَا لَهُ في جيئةٍ وَذِهابِ
حَتَّى غَدا وَطَنُ المَحَبَّةِ رَائِعاً
يَلْقَى جَميعَ الناسِ بِالتَّرْحَابِ
وَطَني أَعُودُ إلَيْكَ طِفْلاً سَائِلاً
عَنْ وَالِدٍ أَسْكَنْتُهُ أَهْدَابي
مَا زال حَيّاً رُغْمَ أَنَّ رُفاتَهُ
بِالُحبِّ تَرْقُدُ في سَرير تُرابِ
أَأَراهُ يا وَطني؟ سُؤالٌ راجِفٌ
وَصَداهُ يَرْجِعُ لي بِغَيْرِ جَوابِ
وَيَصيحُ قَلْبِي: لَمْ يَمُتْ مَنْ ذِكْرُهُ
يُعْطي المَسَامِعَ لَذَّةَ الإطْرابِ
وَأراهُ في خَيْرِ الرِّجالِ خَليفَةٍ
يُرْنَى لَهُ بِالحُبِّ وَالإِعْجَابِ
وَأراهُ في أسَدِ العَرينِ مُحَمَّدٍ
مَنْ شَلَّ أيدي الشّرِّ وَالإرْهابِ
وَأراهُ في بُو راشِدٍ حَامي الحِمَى
وَمَنارةِ الشُّعَرَاءِ والكُتّابِ
وَأراهُ في شُهَدَائِنا فَهُمُ الأُلَى
فازوا بِجَنَّةِ خالِقٍ وَهّابِ
وَأراهُ في شَعْبِ التَّسامُحِ شَعْبِنَا
إنَّ التّسامُحَ أجْمَلُ الأثوابِ
وَأراهُ في مُسْتَقْبَلٍ مُتَبَسِّمٍ
يُخْفي ابْتِسامَةَ بِشْرِهِ بنِقابِ
هُوَ لا يَزالُ وَسَوْفَ يَبْقَى دَائِماً
قَمراً يُضيءُ مضارِبَ الأَعْرابِ
وَطَني رَجَعْتُ أَبُثُّ حُبَّكَ لَلوَرَى
وَأَصُبُّ شَهْدَ الشّعْرِ في الأكْوابِ
وَأعيشُ عِيدَ الاتّحادِ مُغَنِّياً
وَكَأَنَّني اسْتُنْسِخْتُ مَنْ زِرْيابِ
لَمَ لا أُغَنّي لِلمحَبَّةِ بَعْدَ أن
لَمْ تُعْطِنا الأحْقادُ غَيْرَ خَرابِ
وَطَني حَبيبي دُمْ عَزيزاً شامِخاً
لَكَ يَحْسِبُ الأَعْداءُ أَلْفَ حِسَابِ

نقلا عن الاتحاد

زر الذهاب إلى الأعلى