غير مصنفة

نحو مراجعة القرار المشؤوم

ابن الديرة

من مناقب دولة الإمارات هذا الانسجام اللافت بين سياستها الداخلية والخارجية، حيث الأخلاق مطلة وعنوان. في ضوء هذه الحقيقة، فموقف الإمارات من القدس وفلسطين موقف مبدئي. أسّس لذلك زعيم وحكيم العرب، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتكرّس نهجاً قويماً في العهد الزاهر للقائد الفذ صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ويمكن القول، بقوة وثقة، إن ثوابت وأخلاقيات هذه البلاد الرائدة لا تتجزأ، فالإمارات التي تقود حركة متقدمة في الاقتصاد والتنمية والمجتمع والثقافة، هي نفسها التي تقع اليوم في صميم الفعل السياسي الإيجابي العربي والدولي.
الشاهد، بالإضافة، إلى تجارب وخبرات التاريخ، موقف دولة الإمارات المعلن أخيراً من قضية القدس، في أعقاب إعلان الإدارة الأمريكية اعتبار القدس عاصمة ل»إسرائيل»، وقرار الرئيس الأمريكي نقل السفارة الأمريكية إلى المدينة المقدسة.
ترددت المعاني الجميلة النبيلة في كلمات وعبارات دالة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي رعاه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث ربطا القرار بأمن واستقرار الشرق الأوسط والعالم، والجهود المتواصلة لتطويق منابع وأسباب التطرف والإرهاب، فهذا القرار المخالف للقانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، مرفوض بالضرورة؛ لأنه لا يخدم عملية السلام في الأرض المحتلة وفي المنطقة العربية عموماً.
دولة الإمارات لا تنفصل عن تاريخها ونهجها ونفسها، وهي تتعامل مع مستجدات القضية الفلسطينية التي كانت وما زالت، محل اهتمام متعاظم للإمارات، باعتبارها قضية العرب الأولى والمركزية، وكما عبّر محمد بن راشد، فإن قضية القدس جوهر القضية الفلسطينية، والمعنى أنه لا حل نهائياً من دون القدس، فيما القرار الأمريكي الذي يقف اليوم العالم، كل العالم ضده، يؤثر سلبياً، على مسار حل الدولتين، ويمنح قوى التطرف فرصة ذهبية نحو تبرير الإرهاب، مع تأكيد مشروعية المقاومة الفلسطينية لقرار لم يراع أحداً أو منطقاً، ولم يستجب لنداءات العقل والحكمة، التي اتجهت صوب البيت الأبيض من معظم قيادات العالم.
والأصل أن يراجع الرئيس ترامب قراره كما طالب، مخلصاً محمد بن زايد، ولعل ردود الفعل الغاضبة رسمياً وشعبياً على مستوى قارات العالم جميعاً، تمثل سبباً وجيهاً لمراجعة واعية بصيرة.
اعتبار القدس عاصمة لـ»إسرائيل»من قبل الإدارة الأمريكية، هدية من لا يملك لمن لا تستحق، في محاولة بعد قرن من الزمان، لإعادة سيناريو وعد بلفور المشؤوم، لكن عالم اليوم غير عالم الأمس. بتنا وبين الوعد المشؤوم 100 عام، وعشرات التجارب والحروب والعبر، ومسافة شاسعة من التقدم العلمي والثقافي، ومخطئ من يعيش خارج ذلك كله، ولا يحس بأثره أو يشعر بخطره.
ebn-aldeera@alkhaleej.aeOriginal Article

زر الذهاب إلى الأعلى