قضايا ودراسات

50 % للنساء

د. حسن مدن

بقرارها تخصيص 50 % من مقاعد المجلس الوطني للنساء، تكون دولة الإمارات العربية المتحدة أنجزت سبقاً لم تبلغه الدول العربية الأخرى، والكثير من دول العالم، في أن يكون للنساء حصة مساوية لحصة الرجال في قوام السلطة المنوط بها مهمة التشريع والرقابة.
موضوع التمكين السياسي للنساء هو محل نقاش عربي واسع، لا بل أممي، حيث تنشط المؤسسات و«اللوبيات» النسوية في كافة المجتمعات، بما فيها مجتمعاتنا العربية، من أجل تعظيم تمثيل المرأة سياسياً، ويجري اقتراح آليات مختلفة من أجل بلوغ هذا الهدف، بينها الدعوة لاعتماد نظام «الكوتة» النسائية، وهو نظام أخذت به بعض الدول العربية، فيما ما زالت المطالبات قائمة باعتماده في دول أخرى.
والفكرة في نظام «الكوتة» هي تخصيص نسبة مئوية وازنة من مقاعد البرلمانات، وسواها من المجالس المنتخبة، كالمجالس البلدية مثلاً، للنساء، لا ينافسهن الرجال عليها.
ورغم أن المعترضين على هذا النظام ينطلقون من فكرة أن «الكوتة» هي نوع من التمييز لصالح النساء، فيما المفترض هو مساواة الرجال والنساء في الحقوق والواجبات، لكن هذا الاعتراض هو الآخر محل سجال في كافة المجتمعات، وكذلك في المنظمات الدولية المعنية بالأمر، التي تطالب بتطبيق ما تعرف باتفاقية «سيداو»، حول القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وهي معاهدة دولية اُعتُمِدَت بواسطة اللجنة العامة للأمم المتحدة عام 1979، وتمّ التصديق عليها في سبتمبر/أيلول 1981 ووقعت عليها أكثر من 189 دولة.
وينطلق هذا السجال من الإقرار بأن «الكوتة» تنطوي بالفعل على تمييز، ولكنه يوصف بالتمييز الإيجابي لصالح المرأة، وأنها مجرد تدبير مؤقت تعتمده الدول حتى تكرّس مبدأ مساواة المرأة بالرجل وتمكينها سياسياً في المجتمعات التي لا تزال تنظر بتحفظ لفكرة أن يكون للمرأة دور سياسي، وأنه يمكن إلغاء «الكوتة» بعد الاطمئنان إلى أن المجتمع المعني بات جاهزاً لقبول أن تكون المرأة جنباً إلى جنب مع الرجل في الهيئات المنتخبة، وأن المعيار هو الكفاءة لا النوع، ذكراً كان أم أنثى.
في استطلاع نشرته «الخليج» أمس لآراء ناشطات إماراتيات حول توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، برفع عدد النساء في المجلس الوطني الاتحادي إلى 50 %، اعتباراً من الدورة المقبلة، نلمس وعي المرأة الإماراتية بأهمية هذا القرار وآثاره المنتظرة على المزيد من التمكين السياسي والإداري للنساء، خاصة أن النسبة التي نصّ عليها القرار فاقت كل التوقعات.

madanbahrain@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى