ألغام على طريق كردستان
يونس السيد
في سعيه للانفصال عن العراق، يصر زعيم إقليم كردستان، مسعود البرزاني، على إجراء الاستفتاء المقرر في 25 سبتمبر/أيلول الحالي، رغم معارضة وتحفظ بغداد، ومعظم دول المنطقة، إضافة إلى الولايات المتحدة وأوروبا، باستثناء «إسرائيل» التي تدعم علناً، تقسيم العراق على أساس طائفي، ومذهبي، وعرقي، وإقامة كيان، أو دولة كردية في الشمال.
لكن هذا المسعى، إذا ما تم السير فيه حتى النهاية، لن يكون مفروشاً بالورود، بل قد يكون معبداً بالألغام، ومحفوفاً بمخاطر جسيمة، لاعتبارات عدة قد تقود بمجملها إلى اندلاع حرب جديدة بين بغداد وأربيل، ربما تنخرط فيها أطراف إقليمية ودولية مجدداً، قبل أن يلتقط الجميع أنفاسهم من حروب «داعش» المريرة. وبالتالي فإن هذا المسعى يحمل في ثناياه مغامرة، ورهانات غير محسوبة بدقة، إذ يبدو في جوهره، هروباً من إمكانية اندلاع حرب داخلية كردية في الإقليم، إلى حرب موسعة للتغطية على الخلافات والمشاكل المتفاقمة بين القوى والأحزاب الكردية، والفساد، إلى جانب سعي البرزاني للانتقال من زعيم مختلف عليه بعد انتهاء فترة رئاسته منذ أكثر من سنتين، إلى زعيم قومي للأكراد في المنطقة برمتها.
وبالمقابل، فإن بغداد التي تعارض بقوة الاستفتاء، وترى فيه انتهاكاً للدستور العراقي، ستضطر للدفاع عن وحدة أراضي البلاد، خصوصاً تلك المناطق المصنفة بأنها «متنازع عليها»، في كركوك الغنية بالنفط، وفي محافظتي نينوى وصلاح الدين. وفي هذه الحال، فإن المصالح الإقليمية والدولية المتشابكة ستؤدي إلى قيام اصطفافات جديدة، خصوصاً من جانب تركيا وإيران، واستدراج واشنطن وموسكو إلى الساحة العراقية مجدداً، حيث أكثر ما تخشاه أنقرة، رغم علاقتها الوطيدة مع أربيل، هو قيام كيان كردي في العراق وسوريا، وانتقال هذه العدوى إلى جنوب تركيا، فضلاً عما تعتبره مصالح حيوية لها، حيث الأقلية التركمانية منتشرة في العديد من مناطق الشمال العراقي. والحال نفسه ينطبق على إيران التي يهمها تأمين حدودها مع العراق، ومنع إضعاف السلطة في بغداد، أو المساس بمليشات «الحشد الشعبي» عبر زجه في حروب وصراعات جديدة، في وقت باتت واشنطن تخشى من تنامي دوره السياسي، وتعمل على لجم هذا الدور قبل أن تصبح له كلمة الفصل في السياسة العراقية مستقبلاً.
وسط كل هذه المخاوف، يبدو التريث نوعاً من الحكمة بالنسبة للاكراد للحفاظ على الاقليم والعراق والمنطقة.
younis898@yahoo.com