قضايا ودراسات

أمريكا في حالة حرب عالمية

نيكولاس ديفيس *

عمليات القصف الأمريكية في سوريا والعراق هي الأكثر كثافة وضراوة منذ قصف فيتنام وكمبوديا ولاوس في الستينات والسبعينات، حيث تم إلقاء 84 ألف قنبلة وصاروخ خلال الفترة من 2014 إلى نهاية مايو/أيار 2017 – أي نحو ثلاثة أضعاف ال 29،200 قنبلة وصاروخ التي ألقيت على العراق خلال عملية الغزو «الصدمة والترويع» في 2003.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كانت إدارة الرئيس باراك أوباما قد صعّدت حملة القصف مع بداية الهجوم الأمريكي – العراقي على الموصل، وألقت 12،290 قنبلة وصاروخاً في الفترة من أكتوبر/تشرين الأول إلى أواخر يناير/كانون الثاني، عندما تولى الرئيس دونالد ترامب منصبه. وواصلت الإدارة الحالية تصعيد حملة القصف، حيث تم إلقاء 14،965 قنبلة وصاروخاً منذ الأول من فبراير/شباط. وشهد شهر مايو/أيار القصف الأكثر كثافة حتى حينه، حيث تم إلقاء 4374 قنبلة وصاروخاً.
إن ما بدأ في 2001 كحرب سيئة التخطيط لمعاقبة إرهابيين كانت الولايات المتحدة تدعمهم في السابق في أفغانستان رداً على جريمة 11 سبتمبر/أيلول 2001، سرعان ما تصاعد إلى حرب عالمية. وكل بلد دمر أو تزعزع استقراره نتيجة لعمل عسكري أمريكي أصبح الآن أرضاً خصبة للإرهاب. ومرة أخرى، عادت الولايات المتحدة لنشر قوات إضافية في أفغانستان، حيث يوجد هناك الآن 10 آلاف جندي أمريكي، في حين يعلن مسؤولون في البنتاجون أن 4000 جندي إضافيين سيرسلون إلى هذا البلد قريباً. وخلال 15 سنة من الحرب في أفغانستان، قتل مئات آلاف الأفغان، ولكن حركة طالبان عادت لتسيطر الآن على مناطق من البلاد، أوسع مما كانت تسيطر عليه في أي وقت منذ الغزو الأمريكي في 2001.
والحروب الأمريكية لا تقتصر على الشرق الأوسط، حيث إنها تحتدم أيضاً على مقربة من الولايات المتحدة في أمريكا الوسطى. وقد استضافت القيادة العسكرية الجنوبية الأمريكية مؤخراً مؤتمراً في فلوريدا شارك فيه رؤساء غواتيمالا وهندوراس والسلفادور. وهذا يؤكد عسكرة «الحرب على المخدرات» التي تقودها الولايات المتحدة في أمريكا الوسطى، وكذلك عسكرة جهودها للحد من الهجرة القادمة من تلك البلدان. وقد ألقى المفتشان العامان لوزارتي الخارجية والعدل الأمريكيتين على وزارة الخارجية ووكالة مكافحة المخدرات الأمريكيتين مسؤولية مقتل مدنيين أبرياء في هندوراس نتيجة لهذه الحرب. ووجد تقرير مشترك للمفتشين العامين أن وكالة مكافحة المخدرات الأمريكية كذّبت بصورة متكررة على الكونجرس الأمريكي بزعمها أن هؤلاء الضحايا قتلوا في معارك بالأسلحة النارية بين مهربي مخدرات.
وفي الوقت الراهن، يهدّد مسؤولون أمريكيون بعمل عسكري ضد كوريا الشمالية، وكذلك ضد إيران. كما أن تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وكل من روسيا والصين ينطوي على مخاطر أكبر بكثير.
ومع أن حروب الولايات المتحدة في أعقاب اعتداءات سبتمبر/ أيلول 2001 قد أسفرت على الأرجح عن مقتل أكثر من مليوني شخص في البلدان التي تعرّضت لهجمات أو عمليات زعزعة استقرار أمريكية، إلا أن القوات الأمريكية تعرّضت لخسائر بشرية متدنية نسبياً خلال هذه العمليات. وهذا ينطوي على خطر إعطاء المسؤولين السياسيين والعسكريين الأمريكيين، وكذلك الرأي العام الأمريكي، إحساساً زائفاً بأن تصعيد الحروب الأمريكية لن يسفر عن خسائر بشرية أمريكية خطرة، ما يمكن أن يؤدي بالفعل إلى تصعيد الحروب الأمريكية الجارية حالياً.

* صحفي وكاتب أمريكي – موقع «كومون دريمس»

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى