قضايا ودراسات

أولويات الحكومة الجزائرية

صادق ناشر
وضعت الانتخابات التشريعية التي شهدتها الجزائر مؤخراً البلاد أمام استحقاقات سياسية واقتصادية واجتماعية جديدة، بخاصة في ظل أوضاع استثنائية تعيشها منطقة المغرب العربي، أبرزها التطورات في ليبيا، التي تعد في الوقت الحاضر أكبر مصدر للمخاطر إلى دول المنطقة، إضافة إلى دول الجوار الأخرى، والتي تشهد اضطرابات أمنية مثل مالي والنيجر.
التحديات التي تقف أمام الحكومة التي كلف عبد المجيد تبون برئاستها لن تكون سهلة، فهي تأتي لترث أوضاعاً اقتصادية وسياسية واجتماعية صعبة من الحكومة السابقة، التي كان يرأسها عبد المالك سلال، والتعهد الذي قطعه رئيس الوزراء الجديد بأن يكون التحول الذي يعد «ضرورياً» و«عاجلاً» ضمن أولوية الطاقم الحكومي الجديد دليل على استشعار أهمية وضع برنامج عملي وفق تقلبات الوضع الذي تمر به البلاد والمنطقة والعالم، على أن يعالج البرنامج المشاكل الاقتصادية التي تعانيها الجزائر اليوم.
تفاصيل برنامج عمل الحكومة الجديدة ستعرض أمام المجلس الشعبي الوطني، للحصول على الثقة المطلوبة وإعطائها الضوء الأخضر لمعالجة الأخطاء التي وقعت فيها حكومة السلال، والمتصلة بدرجة رئيسية بالوضع الاقتصادي، بخاصة مع اتساع حزام الفقر في البلاد، وانتظار الآلاف من الشباب على رصيف البطالة، حيث تشير الأرقام الرسمية إلى أن نسبة البطالة في البلاد تصل إلى ما يزيد على 10%.
الجزائر، البلد الغنية بالنفط، لا تزال تعاني أزمات خانقة منذ سنوات، أبرزها أزمة السكن وما يعرف ب«الأحياء القصديرية»، وهي قضايا تعهدت الحكومة الجديدة بمعالجتها، إضافة إلى معالجة أزمات أخرى في مجالات التربية والصحة.
وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء الجديد اعترف بأن البلاد تواجه صعوبات مالية، وإن لم تصل إلى «انسدادات»، حسب تعبيره، إلا أن بمقدور الحكومة معالجة هذه الأزمة من خلال برنامج عملي يقضي على ظاهرة الفساد، سواء في إطار الحكومة أم في الأوعية الضريبية الأخرى، والتي تكلف خزانة الدولة ملايين الدولارات.
ربما يكون الوضع الذي تعيشه دول الجوار، بخاصة ليبيا، حيث تعمها الفوضى، دافعاً لحكومة الجزائر الجديدة للتعاطي الإيجابي مع الأفكار المطروحة لمعالجة الاختلالات الكبيرة في البلاد، والتحرك الجاد من أجل وضع حلول لها، أولها الالتفات إلى أوضاع الشباب، الذين يعدون رأس الحربة في أي مشاريع تصحيحية، وقد أهملت الجزائر، حالها حال الكثير من البلدان العربية هذه الشريحة من شرائح المجتمع، ما اضطر الكثير منهم إلى البحث عن منافذ أخرى خارج شرعية الدولة والمجتمع.
تحتاج البلاد العربية إلى إعادة رسم أولوياتها لتواكب التطورات الحاصلة على الأرض، من خلال الاهتمام بالشباب، الذين نجحت تنظيمات إرهابية وظلامية في استقطابهم إلى صفها، ودفعهم إلى ارتكاب أعمال إرهابية وإجرامية في بلدانهم وخارجها، ولعل الأحداث التي نعايشها اليوم تشهد بأن إهمال هذه الفئة لن تجني منها المجتمعات والحكومات العربية سوى الخراب والدمار، فضلاً عن تشويه صورة العرب والمسلمين في الخارج والإضرار بمن يعيشون في البلدان الأوروبية وتحميلهم وزر جرائم يرتكبها غيرهم.

Sadeqnasher8@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى